سوق التصوير التشكيلي.. عز الدين نجيب كتب لي «إن قلت ما تخافشى وإن خفت ما تقولشى»
تم نشر الفيديو الخامس لعضو مجلس إدارة نقابة الفنانين التشكيليين المهندس طارق عيد، ضمن سلسلة من مقاطع فيديو يتحدث فيها عن حجم سوق عمل مهن الفنون التشكيلية وأهميتها وإبراز دورها، وامتد وقت الفيديو الأخير لمدة ثلث الساعة أسهب فيها مقرر لجنة ممارسة المهنة في الحديث عن التصوير التشكيلي وأنماطه وتطور أساليبه وحجم سوق العمل المصرية والعالمية له وبعض الأرقام والتقارير الداخلية والخارجية، وكذلك تطرق إلى مشاكله وكيفية حلها وما يحدث بنقابة الفنانين التشكيليين من خلل إداري كبير يضر بمستقبل الفنون التشكيلية في مصر.
وأجرت «منصة بلا حدود» حديثا مع عضو مجلس الإدارة ومقرر لجنة ممارسة المهنة بالنقابة حول بعض الأمور المهمة التي ذكرها بالفيديو وكان منها أن خصَّ بالذكر والشكر بعض الفنانين الكبار مثل الفنان والناقد الفني والأديب/ عزالدين نجيب، والذي وافته المنية قبل أيام قليلة من نشر هذا المقال بعد أن تدهورت حالته الصحية في الأسابيع الماضية.
وقد استهل المهندس طارق عيد الحديث بالدعاء بالرحمة والمغفرة للفنان/ عزالدين نجيب قائلاً:
– لقد كان مبدعاً كبيراً وناقداً من طراز فريد وأثره سيظل ممتدا على الوسط الأدبي والفنون التشكيلية في مصر كما كان طوال السنوات الماضية..
واستطرد قائلاً:
– لقد كان لعز الدين نجيب، رحمة الله عليه، رؤية صائبة فيما يخص المقتنيات والمتاحف الفنية بمصر وهي النقطة الثانية التي تحدثت عنها بالفيديو ضمن أربع نقاط أساسية يجب العمل عليها من أجل النهوض بالتصوير التشكيلي وبالفنون التشكيلية في مصر عامة.
وما هي تلك الرؤية؟
– لقد كان عزالدين نجيب يرى أن المقتنيات الفنية الموجودة داخل المتاحف التابعة لوزارة الثقافة هي كنوز مهدرة ومفقودة.. و أشاركه هذا الرؤية وكثير من الفنانين أيضاً.. وكان يرى وجوب فصل قطاع المتاحف واستقلاله عن وزارة الثقافة على أن يتم تأسيس هيئة قومية مختصة للمتاحف الفنية تابعة لرئاسة الجمهورية مباشرة وتكون مهمتها الحفاظ على المقتنيات وتنظيم إعارة الأعمال وفق ضوابط أكثر جدية.
وما ضرورة ذلك؟
– أن تتوفر إجراءات السلامة والحماية على أعلى مستوى لتراثنا المصري الذي له قيمة فنية عالية ويدرس في كل أنحاء العالم، فضلا عن القيمة المادية لتلك الأعمال، والتي تزيد يوما بعد يوم.
هل تحدث معك الفنان عزالدين نجيب بعد نشر الفيديو؟
– نعم.. تحدثنا عن طريق المكاتبة (الشات).. وكعادته لا تمر عليه الكلمات دون تدقيق ودون أن ينقد وينصح في كثير من الأحيان..
وماذا كان نقده أو نصحه؟
– لقد كتب لي يحييني من حيث المبدأ على المبادرة الإيجابية والتثقيفية الطيبة حتى ولو تضمنت عديدا من النقاط بحاجة إلى المناقشة.. وناقش ما تضمنه الجزء الأخير في الفيديو والذي تحدثت فيه عن الانضمام لنقابة الفنانين التشكيليين وأن عمل لجنة القيد بالنقابة متوقف منذ ثلاث سنوات بسبب ادعاء السيدة الدكتورة صفية القباني استقالة معظم أعضاء المجلس بالمخالفة للقانون وأحكامه ولائحة النقابة التنفيذية.. وكان يرى أن هناك تناقض في الطرح الذي طرحته بالفيديو قد يُحدِث بلبلة لدى الفنان الشاب في تقدمه للانضمام إلى النقابة والتي ليس معلوماً كيفية الانضمام إليها في ظل الضبابية التي خيمت على ثوابتها.. ونصحني ضمنياً بالمثل الشعبي السائر: “إن قلت ماتخافشي وإن خفت ماتقولشي”.. وكأنه يحثني على ضرورة الكشف الكامل عن أي مخالفات قد أراها…
وهل ترى أن نقده ونصحه لك كان في محله؟
– نعم.. وأتقبل النقد البنَّاء خصوصا عندما يصدر من المحترمين من ذوي العلم والخبرة من أمثال الراحل عزالدين نجيب والذي تعلمت منه كثيرا من الأمور.
لماذا اخترت ذكر وشكر بعض الفنانين بعينهم ولم تذكر أسماء أخرى لها عظيم الأثر في التصوير التشكيلي؟
– الفيديو ليس هدفه المديح أو التحدث عن رواد الفنون.. أنظر بمنظور ممارسة المهنة وأتحدث عن سوق عمل واقتصادياته ومشاكله وكيفية حلها والنهوض بمهن الفنون التشكيلية وأهمية ذلك وكيف سيعود بالإيجاب على الوطن.. لهذا فقد كان ذكري على سبيل المثال للفنان الكبير د. عادل عبدالرحمن (وكيل نقابة الفنانين التشكيليين والقائم بالأعمال) من باب جهده الكبير المبذول في مناحي عديدة تخص الفن التشكيلي وكان من ضمنها النقطة الأولى التي تحدثت عنها وهي زيادة الوعي بالأهمية الثقافية لدى المواطن وصورة الفنان التشكيلي في وسائل الإعلام والسينما..
.. والفنان محسن صالح؟
– الفنان محسن صالح هو النقيب المنتخب للنقابة الفرعية بالدقهلية.. ومنذ اليوم الأول لتوليه هذه المسؤولية وهو يُمارَس عليه ضغوط من السيدة النقيب د. صفية القباني لأكثر من ثلاث سنوات حتى وصلت تلك الضغوط إلى محاولات لإجباره على التنحي وفرض رئيس آخر للنقابة الفرعية من الموالين للسيدة النقيب قلباً وقالباً.. ورغم تلك الضغوط القوية وانعدام الدعم وشُح الموارد المالية للنقابة إلاّ أنه يقوم بعمل رائع ودؤوب لنشر الثقافة والفنون التشكيلية بأرجاء المحافظة والمحافظات المجاورة للدقهلية وذلك من خلال المعارض وورش العمل والعديد من الفاعليات المستمرة.
.. والفنان الراحل عبدالوهاب مرسي؟
– الفنان الراحل عبد الوهاب مرسي وجب ذكره في جزء من الفيديو كنت أستعرض فيه التنوع في الأدوات والخامات المستخدمة في فن التصوير التشكيلي.. ففي فترة دراستي بكلية الفنون الجميلة كنت أقوم بتحرير الباب الفني بمجلة شبابية تصدر شهرياً.. وقد كتبت عن كثير من الفنانين من أمثال (جورج بهجوري) و(محمد صبري) زعيم الباستل وكذلك (عبدالوهاب مرسي) الذي أجريت معه حوارا ونشرت عنه مقالاً بعنوان (الوريث) حيث كان يستخدم الرمال والأكاسيد في صناعة لوحاته التشكيلية.. و كما ذكرت في الفيديو أنه استوحى هذه الفكرة من القدماء المصريين.
.. والفنانة عليه عبدالهادي؟
– د. عليه عبدالهادي هي فنانة وأستاذة كبيرة لديها جرأة غير عادية ومبادرة لخوض التجارب الفنية الجديدة وقد خاضت أول تجربة فنية تشكيلية بالذكاء الاصطناعي في مصر وألقت حجراً كبيرا داخل بركة المياه الراكدة، فوجب إلقاء الضوء على تلك التجربة الآنية المستقبلية بنفس الوقت، والتي أتت على يد فنانة مخضرمة وأستاذ متفرغ للعمارة الداخلية لديه تاريخ طويل وزاخر..
في سياق الفيديو تحدثت عن جوائز الدولة وبعض المشاكل داخل النقابة، فما هي تلك المشكلات؟
– نعم تحدثت في سياق النقطة الثالثة للنهوض بالفن التشكيلي في مصر وهي زيادة دعم الدولة ممثلة في وزراة الثقافة، حيث برز في الآونة الأخيرة مشكلة ترشيحات جوائز الدولة فى مجال الفنون لأنه يشترط الترشح من خلال مجلس إدارة نقابة الفنانين التشكيليين وفقاً للمادة الأولى البند رقم (8) من اللائحة التنظيمية لجوائز الدولة التى يمنحها المجلس الأعلى للثقافة.. ولكن الذي حدث هو أن قامت السيدة صفية القباني منفردة بتقديم الترشيحات وتم الأخذ بترشيحاتها في تجاهل تام لمجلس إدارة نقابة التشكيليين وهو الممثل الرسمي المنتخب لجموع الفنانين التشكيليين بمصر.. وقد نشرت جريدة الوفد مقالاً عن تلك الأزمة بالاستناد للمعلومات والمستندات الواردة من السيدة أمين عام النقابة د. ريهام عمران.. و قد استعنت بصورة للمقال في الفيديو مع التنويه على ضرورة تحقيق العدالة في الترشيحات للجوائز حتى لا تفقد الغرض منها ولا تتحول إلى مجاملات شخصية.
بعد استعراضك التقارير والأرقام الاقتصادية وتجارب بعض الدول مثل الولايات المتحدة وفرنسا، كيف ترى مستقبل التصوير التشكيلي في مصر؟
– أرى المستقبل مزدهر ومشرق إن تم استبدال الإدارة السيئة لمهن الفنون التشكيلية في مصر بإدارة أخرى محترفة ونزيهة مع نبذ الفاسدين والمصالح الشخصية خارج أروقة ومكاتب النقابات والمجالس والهيئات.. إن لم يحدث ذلك فإن المؤشر سيستمر منحدراً إلى الأسفل باللون الأحمر.