15 فبراير 1968.. جمال عبدالناصر يكشف مطالب أمريكا السرية من مصر
كانت الساعة الواحدة ظهر 15 فبراير، مثل هذا اليوم، 1968، حين بدأ لقاء الرئيس جمال عبدالناصر بمائتى صحفى عربى، هم أعضاء المؤتمر الثانى لاتحاد الصحفيين العرب، الذى جاء بعد ثلاث سنوات من عقد المؤتمر الأول بالكويت فى فبراير 1965، وفقا لجريدة الأهرام، 16 فبراير 1968.
كان الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين هو نقيب الصحفيين المصريين ورئيس اتحاد الصحفيين العرب وقتئذ، وكان المؤتمر هو أكبر تجمع صحفى عربى تشهده القاهرة، واكتسب أهميته لكونه الأول من نوعه بعد هزيمة 5 يونيو 1967، ولهذا جاءت كلمة عبدالناصر تعبيرا عن اللحظة الراهنة التى تمر بها مصر والأمة العربية.
تذكر الأهرام، أن عبدالناصر بعد أن طاف على الوفود الصحفية، اتجه إلى إحدى درجات السلم الرئيسى للقصر متحدثا إلى الصحفيين الحاضرين فى المؤتمر، وقال فى كلمته: «نحن مصممون بإذن الله على النصر ولن نبخل بأى تضحيات»، وشدد على أن «هناك حرب نفسية عنيفة موجهة الآن إلى الأمة العربية لتشكيكها فى نفسها ومبادئها وإمكانية انتصارها»، وقال: «لم نكن فى المعركة 100 مليون عربى، ولم يكن العدو أمامنا مجرد 2 مليون إسرائيلى»، وذكر: «لقد قمنا بالواجب وهزمنا فى معركة وليس ذلك عيبا، ولكن كان العيب أن نتقاعس عن الواجب وأن نستسلم بعد الهزيمة، ولا بد أن نراجع أنفسنا فى الكثير، ولكن كان علينا ونحن نراجع أن نفرق بين المبادئ والأهداف، وبين ما يمكن أن يقع فى التطبيق من خطأ أو قصور أو انحراف».
شملت كل نقطة من النقاط السابقة شرحا مستفيضا من عبدالناصر، وأوضح طبيعة الحرب النفسية التى يتم شنها ضد العرب، قائلا: «يقال إن اثنين مليون إسرائيلى هزموا مائة مليون عربى، الحقيقة هذا الكلام فيه مبالغة، مش اتنين مليون إسرائيلى، ولكن إسرائيل تمثل إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل».
أوضح عبدالناصر قصده بمن هم الذين يقفون وراء إسرائيل، وذلك بكشفه عن واقعة جرت بينه وبين الإدارة الأمريكية، قائلا: «من 3 سنوات جاء لى وكيل وزارة الخارجية الأمريكية ومعه رسالة من الرئيس الأمريكى جونسون، وطلب منى عدة طلبات، كانت هذه الطلبات إن احنا نوقف الأبحاث الذرية، ونوقف التوسع فى القوات المسلحة، ونوقف الأبحاث العسكرية، وندى أمريكا حق التفتيش فى بلدنا حتى تتأكد من أن هذه الطلبات منفذة من جانبنا، وأيضا نوقف العمل خارج حدودنا، والمقصود بهذا أن نوقف العمل من أجل القومية العربية والوحدة العربية، ولما رفضت هذا الكلام كان الرد أن أمريكا قررت أنها تسلح إسرائيل».
يضيف عبدالناصر: «الكلام ده حصل من 3 سنوات، ثم قيل لى أيضا بواسطة وزير الخارجية عن الرئيس الأمريكى إننا إذا شهرنا بأمريكا فإنها ستعطى المزيد من السلاح لإسرائيل، إذن حينما نتكلم عن إسرائيل، إسرائيل مش اتنين مليون إسرائيلى، وإنما هم ومن وراء إسرائيل، والهزيمة التى حاقت بالأمة العربية هى بواسطة إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل، فى الحرب المال والنواحى الاقتصادية هى اللى بتمكن من الحصول على السلاح، وإسرائيل حصلت على السلاح مجانا».
وانتقل عبدالناصر إلى نقطة أخرى، قائلا: «احنا ونحن نبحث فى الماضى ونستعرض هذا الماضى، بنقول إن فيه بلاد كتيرة انهزمت، أمريكا انهزمت فى بيرل هاربر، وقعدت سنوات لغاية ما رجعت تانى، انهزمت إنجلترا وفرنسا وألمانيا، مافيش دولة ما انهزمتش، والنهاردة بنقرأ عن أمريكا فى فيتنام كيف تحاصر قواها، وكيف تنهزم وحداتها، إذن الهزيمة التى حدثت أو الهزيمة التى تقابل أى بلد من البلاد ليست نهاية المطاف، ولكن يتوقف المستقبل على تصميم وقوة وقدرة الشعوب، يتوقف المستقبل على تفسير الأمور، واحنا الآن بعد الهزيمة يجب أن نفرق بين حاجتين أساسيتين، مبادئنا ومبادئ النضال، مبادئ قوميتنا ومبادئ عروبتنا».
يتحدث عبدالناصر عن التكاتف الشعبى مصريا وعربيا بعد الهزيمة، قائلا: «النهاردة بعد سبعة أشهر من النكسة نشعر بأمل كبير فى المستقبل، ليه؟ لأن الشعب ما زال متمسكا بالمبادئ، لم تتمكن الضربة العسكرية، ولم تتمكن الحرب النفسية من تفتيت إيمان الشعب، فالشعب يؤمن بالنصر، والشعب يؤمن بالبناء الاقتصادى، الشعب يؤمن بالبناء العسكرى، الشعب يؤمن بأى جهد منه يساعد فى تحويل الهزيمة إلى نصر، وأنا من بلاد عربية كثيرة وصلتنى تبرعات بـ5 دولارات و10 دولارات، وده له معنى كبير جدا، فالشخص اللى بيكتب جواب ويحط 5 دولارات و10 دولارات، ويقول ده للمجهود الحربى ده له معنى كبير جدا، معناه إنه راجل مؤمن ومعناه إنه بيشارك بما يستطيع فى سبيل المعركة القادمة، وفى سبيل النصر النهائى».
نقلًا عن موقع «اليوم السابع»