ياسر حسني يكتب: مصر في إيد «نوال»!
«اسألوا نوال»!
هكذا قال الرئيس الراحل أنور السادات ردًا على سؤال عن موعد حرب التحرير والتخلص من الاحتلال الإسرائيلي لسيناء..
وعند «نوال» كان بالفعل الخبر اليقين..
فهذا الرجل كان مكلفًا بأحد أخطر المهام التي يجب تنفيذها قبل تحديد موعد الحرب..
مهمة توفير المواد الغذائية والوقود والسلع الاستراتيجية، ليس للجيش فقط، وإنما للشعب المصري كله، على أن يتم ذلك بسرعة.. ودقة.. وسرية!!
وكان اللواء «نوال سعيد الشافعي» رئيس هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، خلال حرب أكتوبر، على قدر المسئولية..
وبالتنسيق مع الأجهزة المختلفة، نجح اللواء نوال ورجاله في توفير مخزون استراتيجي من كافة احتياجات الجيش والشعب، في واحدة من البطولات غير العسكرية خلال حرب أكتوبر 1973.
فلم تكن مهمة اللواء نوال ورجاله الأبطال تقل في أهميتها عن أية عملية عسكرية نفذها جنود وضباط القوات المسلحة قبل وخلال حرب أكتوبر.
فالرجل كان مطلوبًا منه توفير ضعف الكميات المعتادة على الأقل من القمح والأرز والسكر والزيت وغيرها من المواد الغذائية، بالإضافة إلى الوقود بأنواعه المختلفة، فضلًا عن سلع أخرى مثل كشافات الإضاءة والبطاريات الخاصة بها ومستلزمات المستشفيات والإسعافات الأولية وغيرها من السلع الاستراتيجية.
وكان توفير تلك الكميات الضخمة والمتنوعة سيلفت أنظار المخابرات الإسرائيلية، وداعميها بالمعلومات من أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية، فتعلم أن مصر تنوي الحرب، ولذلك كانت المهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة..
ولكن اللواء نوال ورجاله حققوا المستحيل، وتم توفير الكميات المطلوبة وأكثر بعمليات مخابرات وتمويه وتعاقدات في أكثر من دولة بالعالم بأسماء دول أخرى وترويج شائعات مدروسة واستلام السلع في مناطق وشحنها وتشوينها بسرية تامة في مناطق أخرى..
وكانت يد اللواء نوال وأيدي رجاله أمينة بالفعل على مصر، ووصلوا بها إلى بر الأمان ونجحت المهمة.. وكان الجميع على قدر المسئولية.. وتحررت الأرض.. وعادت سيناء للوطن..
قصص وحكايات وأساطير عاشتها مصر لرجال أبطال من أبنائها الأوفياء، من عسكريين ومدنيين لم يكن لهم حينها همًا سوى تحرير تراب هذا الوطن الأبي، وهو ما تحقق فعلًا بداية من معارك الاستنزاف ثم حرب أكتوبر وما تلاها من مفاوضات السلام والتحكيم الدولي.
وعقب الحرب لم تنته مهمة اللواء نوال سعيد، فالرجل الذي يعد من أعظم قادة الإمداد والتموين العسكريين في العالم ظل ينقل ما لديه من خبرات لضباط القوات المسلحة بالكليات العسكرية المختلفة من بينها كلية القادة والأركان التي وصل إلى كبير المستشارين بها، كما تم الاستعانة بخبراته في العديد من الملفات التموينية بشكل مباشر أو غير مباشر، وظل طوال حياته معلمًا ومدربًا وموسوعة عسكرية حتى توفاه الله في 28 يونيو 2014.