الدكتور رفعت السعيد يكتب: الغرب ينافقنا ثم يحاربنا بالتسميات
أكثر من مرة حذّرنا ورفضنا، وكررنا رفضنا، إطلاق مسميات خاطئة على «الإرهاب المتأسلم»، ويأتى ذلك عن جهل أو استسهال أو عن عمد متعمّد. فأكثر الأدوات الإعلامية وكثير من التصريحات الأجنبية الرسمية وغير الرسمية تتحدث مثلاً عن «داعش»، مسمية إياها «الدولة الإسلامية»، ولست أعتقد بوجود أى مسحة من البراءة فى ذلك، بل هى تسمية تتضمّن، وبصراحة، تحريضاً على الإسلام كعقيدة دينية، وعلى المسلمين، باعتقاد أنهم أشرار العالم، لمجرد أنهم مؤمنون بعقيدة الإسلام.
ومن التسميات الخاطئة خطأً يثير الدهشة، وصف القتلة الداعشيين أو القاعديين بأنهم «الجهاديون»، ومن بين من يثيرون الغيظ والغضب بهذه التسمية «باتريك كوكبيرن»، الصحفى الشهير والمجتهد، الذى له تقدير فى أوساط الإعلام الغربى، وعايش التجربة السورية المريرة عبر كثير من الزيارات والعلاقات وتردّد على العراق كثيراً ودرس وحلّل وقدّم معلومات مبهرة عن الوضع فى البلدين، وعن «داعش» و«القاعدة» و«جبهة النصرة»، وغيرها من المنظمات ذات العمق الإرهابى، إلا أنه، وللأسف، منح كتابه الممتاز، الصادر فى 2014، عنواناً رديئاً هو «عودة الجهاديين»، «The Jihadis Return»، ونشرته دار «الساقى»، فى لندن وبيروت 2015، الأمر الذى دفع ميشلين حبيب، مترجمة الكتاب إلى العربية، وربما بإيعاز من الناشر، كى يجد الكتاب سوقاً، إلى إضافة كلمة «داعش» على رأس عنوان الكتاب، فصدرت الطبعة العربية بغلاف عنوانه «داعش» ثم تحت هذه الكلمة «عودة الجهاديين».
والحقيقة أن استخدام تسمية «الجهاديين» لهؤلاء القتلة المتوحشين يضيف غباراً كثيفاً على الإسلام وعلى المسلمين الحقيقيين الذين يواجهون أى غاصبين ومغتصبين لحقوقهم أو لأوطانهم، مثل هؤلاء الذين يقاومون، أو بالدقة يجاهدون، ضد العنصرية الإرهابية الصهيونية إزاء المسجد الأقصى.
فماذا تعنى كلمة «جهاد» بالدقة؟ ونعود إلى القواميس العربية ونقرأ فى «مختار الصحاح» للشيخ الإمام محمد بن أبى بكر بن عبدالقادر الرازى: فى باب «جهد» بضم الجيم وبفتحها تعنى الطاقة، وقُرئ بهما قوله تعالى «وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ» وبفتح الجيم تعنى المشقة، فيُقال جهد دابته وأجهدها إذا حمل عليها فوق طاقتها وجهد الرجل فى كذا أى جدّ فيه، و«جاهد فى سبيل الله مجاهدة» أى بذل وسعه فى سبيل الله. وفى المعجم الوسيط، الجهد هو المشقة والنهاية والغاية، ويقال جاهد للمبالغة، والجهد، الوسع، وبذل الطاقة، وفى التنزيل العزيز «وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ»، وهى أيضاً طالب جهد حتى وصل إلى الغاية، ثم، وهذا هو المهم بالنسبة لموضوعنا، فالمعجم الوسيط يقول: «الجهاد شرعاً هو قتال من ليس لهم ذمة من الكفار».
وهكذا فإن تسمية الدواعش وأمثالهم بالجهاديين تعنى مديحاً يصل إلى اعتبار ما فعلوه وما يفعلونه هو قتل وقتال من ليس لهم ذمة من الكفار. أى قتالنا نحن جميعاً، وكل من يقف فى وجه هؤلاء الإرهابيين. وفى عدد 30 نوفمبر 2015، نشرت مجلة «Time» الأمريكية مقالاً كتبه «James Harkind»، عن عملية قتل الإرهابى الإنجليزى ومنسق عمليات «داعش» ومنفّذ عمليات ذبح كثيرة أمام شاشات التليفزيون وتُسميه الجهادى «Jihadi John».
وتجنّباً لذلك، كله نجد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكذلك الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، يستخدمان تعبيراً مبتكراً يتجنّب كل ذلك ويصفانهم بـ«جماعة الشرّ»، لكن كلمة «الشر»، وفاعلها «الشرير»، تسرى كوصف لحالة أخلاقية وليست تعريفاً لفكر أو فعل جماعة بذاتها، فالشرير قد يكون لصّاً أو مغتصباً أو نمّاماً أو كاذباً، وليس شرطاً أن يكون إرهابياً.
وهكذا يمكننا أن نُبرر صيحة الغضب، ليس فقط لأن البعض منا والكثرة من الغربيين يستخدمون مصطلحات خاطئة تؤدى عن قصد أو غير قصد «سيّان»، إلى إدانة الإسلام وتبرير اضطهاد المسلمين فى المجتمعات الغربية، وليس أمامنا من مخرج إذا جُوبهنا بالمعنى القاموسى الدقيق فى قواميسنا العربية، فنأتى إلى أن نتصوّر مثقفاً أو باحثاً غربياً يلجأ إلى القواميس المتاحة ليعرف معنى جهاد «The Scientific Lexicon of Religious Beliefs»، وعنوانه بالعربية «المعجم للمعتقدات الدينية»، لنقرأ فى باب «Jihad» أنها تعنى حرفياً «النضال»، وهو جهود متواصلة ومتحمسة لنشر الإسلام وضمان انتصاره، وقد استُخدمت فى البداية للدلالة على حرب مقدسة لنُصرة العقيدة كما حدّدها القرآن ومن يتفوق فى الجهاد يُسمى «الغازى»، ومن يُقتل يُسمى بـ«الشهيد» ومكانه «الجنة»، أما قاموس «أكسفورد»، فيقول إن الجهاد هو: الحرب التى يخوضها «المُحمّديون» ضد غير المؤمنين بعقيدتهم.
والآن، أرأيتم لماذا نُصمّم نحن على تصحيح المصطلحات؟ فحتى المثقفون الغربيون أو غير المسلمين، عندما يرجعون إلى أهم قواميسهم ومعاجمهم التى يتناولون منها، وبتسليم تام، تعريف المصطلحات، سيجدون ما يُعبر عن وجهة نظر «داعش» و«الإخوان» الإرهابية و«القاعدة» وكل من لفّ لفّهم، فهل نلومهم إذا أخطأوا؟ أم نخوض معركة حاسمة وعابرة للقارات وبكل اللغات، ومن كل المؤسسات المعنية بالدعوة، لاستخدام مصطلحات صحيحة؟
ولعلى أكون بذلك قد أوضحت قيمة المصطلح فى معركتنا ضد الإرهاب، وفى كتاباتنا من أجل تجديد الفكر الدينى كى لا يكون هناك خلط يؤدى إلى سوء فهم لفكرة التجديد ذاتها أو لمعركتنا ضد الإرهاب والإرهابيين.
أما وقت عرفنا معنى «الجهاد» فلنحاول التعامل مع المفردات المماثلة، التى تتداخل حتماً فى بحثنا هذا، ونبدأ:
«الإرهاب»:
ونقرأ فى «مختار الصحاح»، (المرجع السابق)، وبابه «رهب»، أى خاف، ويقال رهبه أى أخافه وأفزعه، أما كلمة «إرهاب»، فهى مشتقة من الفعل المزيد «أرهب»، فيُقال أرهب فلاناً أى خوّفه وأفزعه، أما الفعل المزيد بالتاء أى «ترهب»، فيعنى أنه خاف غواية الدنيا له فانقطع للعبادة، وفى الآية الكريمة: «يَا بَنِى إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِىَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّاىَ فَارْهَبُونِ»، وأيضاً: «قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ»، (الأعراف: 116)، وكذلك: «لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ»، (الحشر: 13)، و«وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ»، (القصص: 32)، أى من الخوف، فالإرهاب لغةً هو مجرد الإتيان بفعل أو قول يستهدف إخافة الطرف الآخر، وبث الرُّعب فى نفسه.
«الاغتيال»
فى «مختار الصحاح» نقرأ.. بابه «غول»، ومنها غال من باب قال. واغتاله، أى أخذه من حيث لم يحتسب. وفى «الفيروزآبادى» نقرأ كل ما اغتال الإنسان فأهلكه هو غول، واغتيال تأتى على زِنة «افتعال»، أى أنها تنطوى على التقصُّد. ويقال قتله غِيلة أى خدعه، فذهب به إلى موضع فقتله، وأصل الغيل هو الحرج ذو الشجر الكثيف، فيكون قولهم «غاله» أو «اغتاله» مأخوذة من قتله فى الغيل على غفلة منه، وفى «المعجم الوسيط» نقرأ «يقال غالته الخمر، إذا شربها حتى أذهبت عقله، وغاول الأعداء أى باغتهم بالهجوم من حيث لا يدرون».
«فتك»
فى «الوسيط»: أى فعل ما تدعو إليه نفسه غير مبالٍ، وفتك به، أى غدر به وقتله مجاهرة. وفى «مختار الصحاح»: الفتك بفتح التاء أو ضمها أو كسرها يعنى القتل على غرّة. و«الزمخشرى» يقول: «الفتك هو القتل على حين غرّة»، وهكذا فإن كلمة اغتاله تعنى قتله من حيث لا يدرى، وفتك به أى قتله وهو يراه لكنه غافلٌ عنه، وكلاهما من حالات الغدر، ونتوقف لنحاول أن نتفهم علاقة الاغتيال والفتك بالموقف الدينى الصحيح.
يقول «الرازى» فى تفسيره للآية «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ»، (الحج: 38)، إن مسلمى مكة استأذنوا الرسول فى أن يقتلوا سرّاً المشركين الذين آذوهم، فنهاهم، قائلاً: «الإيمان قيّد الفتك»، ونزلت الآية الكريمة لتؤكد قول الرسول.
ومن هنا، فإن الآية الكريمة والحديث الشريف يشكلان موقفاً شرعياً متكاملاً يرفض الاغتيال والفتك مهما تكن دوافعه، حتى لو كان ضد المشركين الذين يُعذّبون المسلمين، ويتماشى ذلك تماماً مع قيم الفروسية التى ترسّخت منذ الجاهلية، والتى لا تحترم إلا القتال وجهاً لوجه ولا تسمح بملاحقة الهارب، فقد كان الفارس الجاهلى إذا قابل خصماً صاح به قبل أن يهاجمه «خذ حذرك إنى قاتلك»، لكن كثيراً من كتب السير والتراث أفسحت صفحات كثيرة لمحاولة تأكيد مشروعية الاغتيال والفتك، متناسية تماماً النص القرآنى والحديث الشريف.
وحتى نصارى الجاهلية وبدايات الإسلام التزموا بالتقليد الجاهلى القديم ذاته، فصاح الشاعر المسيحى جابر بن حنى التغلبى، فى ردّ على قبيلة «بهراء»، التى تهجمت على قبيلته من النصارى:
وقد زعمت بهراء أن رماحنــــا
رماح نصارى لا تبوء إلى الدم
نعاطى الملوك السّلْم ما قسطوا لنا
وليس علينا قتلهم بمحــــــــرّم
(المفضل الضبى – المفضليات)
ويعود بنا ذلك إلى الموقف من سعد بن عبادة، زعيم الخزرج وأحد النقباء فى بيعة العقبة، التى مهّدت لهجرة الرسول إلى يثرب، وكان يتولى قيادة الأنصار (أهل المدينة من الأوس والخزرج)، فى كل حروب الرسول. ويروى لنا «ابن عساكر» فى كتابه «تهذيب تاريخ دمشق الكبير»، (طبعة بيروت 1979 – الجزء السادس ص 90)، أن سعداً كان يرغب فى خلافة الرسول الذى هاجر إليه، وحارب جيوش خصوم الرسول من قريش، وشارك فى هزيمتهم، وفى سقيفة بنى ساعدة، طالب بالخلافة، لكن كبار مسلمى قريش، كأبى بكر وعمر بن الخطاب وعثمان وعلىٍّ، عارضوا ذلك، كما خذله جمعٌ من الأوس، فلم يبايع أبا بكر واعتزل، ولم يشارك فى الفتوحات، وكان يصلى فى بيته معتزلاً الناس، ولما فُتحت الشام هاجر إليها، وجاء نبأ موته عام 14 هجرية، وتقول كتب السير إنه قُتل بطعنة رمح فى قلبه، وجرى الزعم بأن الجنّ قد شكت قلبه لأنه بال واقفاً، (وكان العرب ينهون من تبوّل الإنسان واقفاً، خاصة فى الليالى المظلمة، خشية أن يكون ثمة شخص نائماً فى العراء)، وتسلل الشك فى صحة هذه الرواية إلى قلوب البعض، وينقل «ابن أبى الحديد» فى شرح «نهج البلاغة» (الجزء الأول – ص 540) ما صاغه أحد أصحاب هذا الشك شعراً:
يقولون سعد شكت الجن قلبه
ألا ربما صححت دينك بالغدر
وما ذنب سعد أنه بال واقفاً
ولكن سعداً لم يبايع أبا بكـــــر
ولعل أكثر ما يُؤلم فى الأمر هو الشطر الثانى من البيت الأول، الذى يقول «ألا ربما صحّحت دينك بالغدر».
والحقيقة أن استخدام الدين كغطاء متعسّف لتبرير قتل الخصوم السياسيين أو المختلفين فى الرأى أو المتصارعين على الحكم كان تقريباً، وفى أغلب المجتمعات، يأتى عبر أزمنة كثيرة وبحث لنفسه عن غطاء فى المسيحية وفى اليهودية، وحتى فى المعتقدات غير السماوية، فـ«ميكيافيللى» هو الذى روّج لفكرة أن «الأنبياء غير المسلحين فاشلون»، وقد أتى هذا العنف وذهب مع التطور الحضارى والمجتمعى فى بلاد كثيرة، ويبقى السؤال المؤلم: لماذا لم يزل مثل هذا الصراع فى مكاننا وزماننا العربى والإسلامى يختفى قليلاً، ثم يتجدّد أكثر عنفاً؟ أجهد الباحثون أنفسهم بحثاً عن إجابات، بعضها مقنع وبعضها ليس كذلك، فيقول الهادى العلوى: «القتل السياسى فى الإسلام ليس استثناءً فى تاريخ البشرية، الخارج أصلاً من رحم العنف، لكنه يوجد بخصوصية واضحة عندنا، نظراً لخصوصية التناقض فى مجتمع شديد التعقيد، فالمتأمل فى الصراع التناحرى فى الإسلام يجده وقد سلك سبلاً مسدودة جعلته يبدو فى النهاية وكأنه صراع من أجل الصراع، فحركة التاريخ عندنا بقيت حركة مستديرة تدور فى خطوط مغلقة، رسمها ابن خلدون قائلاً (إنه لم يحدث لأى دورة من دورات هذا الصراع الطويل أن اخترقت هذا المدار المغلق لتنتقل نحو مرحلة عُليا من تطورنا الحضارى)، (هادى العلوى – الاغتيال السياسى فى الإسلام – 1987 – بيروت – ص 9).
وإن كان التأمل فى المسار التاريخى فى مصر الحديثة يجد أن اختراقات المدار المغلق على ذاته قد تحققت عدة مرات، لكنها ما لبثت أن ارتدت إلى وضع أسوأ مما كان عليه، وهو أمر يستحق دراسة أخرى.
وثمة استخدامات أخرى خاطئة عن عمد أو غير عمد لمفردات تُمثل خيمة ربما تستهدف التغطية على تجمّعات التأسلم، وإن كانت أقل خطراً مما سبق، مثل:
«التطرف، والمتطرفون»
وفى قاموس المحيط «جذر الكلمة هو طرف، وهو الطرف أو الناحية، وطرف الرجل آباؤه الأوّلون»، وفى «مختار الصحاح»، يُقال إن فلاناً كريم الطرفين، فيُراد نسبه إلى أبيه وأمه، وفى «الوسيط»، يقال طرف الجندى أى قاتل فى الأطراف وتطرّف أى أتى إلى الطرف.
ويحاول الكثيرون من دعاة التأسلم والإرهاب والقتل الظهور بمظهر المتطرفين فى الالتزام بتعاليم الدين، بينما هم، كما قال على بن أبى طالب، فى الخوارج، إنهم من تحدّث عنهم القرآن الكريم: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا»، (الكهف: 103، و104)، وهكذا فكثيرون من أتباع «داعش» و«القاعدة» و«بوكوحرام» «يَحْسَبُونَ» بعد أن غُسلت أدمغتهم ومُحيت عقولهم وأغلقت قلوبهم، أنهم يُحسنون صنعاً.
ويقول الرسول الكريم: «سيخرج من أصل هذا الدين قوم يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم، ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية»، ويقول أيضاً: «تحقر صلاة أحدكم إلى جانب صلاتهم، ويحقر صومكم إلى جانب صومهم، وهم يقرأون القرآن ولا يجاوز تراقيهم».. والحقيقة أن ادعاء التطرّف فى العبادة قد يتسلط على بعض بسطاء الناس، موهمين المجتمع أنهم أكثر إيماناً من غيرهم، وقد يكون فى ذلك استثمار أو منفعة أو تجارة.
وقد لفت نظرى واحد من أشهر الباحثين المجدّدين فى أمر الدين فى دولة الإمارات العربية، متسائلاً: «لماذا لا يوجد مسلمون فى أى بقعة من غير مصر يضعون (زبيبة) على جباههم؟»، ولعل فى الأسطر السابقة إجابة، وعموماً، فإن إطلاق لفظ «المتطرفين» على الدواعش وأمثالهم، هو إعلاء لشأنهم وتمكين لهم من التأثير فى عقول البسطاء.