الدكتور وسيم السيسي يكتب: تعلمت من هؤلاء!
علمنى والدى ألا أهتم أو أسأل عن ثلاثة:
1- الديانة.. 2- العمر.. 3- الدخل المادى.. كما أوصانى أن أهتم بالفقير قبل الغنى، فالغنى يستطيع أن يتجه للخارج للعلاج، بينما الفقير قد لا يكون أمامه إلا شخصى.
أوصانى باحترام أى إنسان، وأملانى أبياتا من الشعر تقول:
لا تحقــــرنّ ضعيــفاً فى معـاملةٍ
إن البعوضة تدمى مقلة الأســـــد
وفي الشرارة ضعف وهى مؤلمةٌ
وربما أضرمــت نــارا على بلــد.
تعلمت من والدتى العقلية الجدلية، كانت تناقش والدى فى كل شىء حتى الغيبيات، أخذت عنها هذه الحرية الفكرية، فإذا قالت لى: افعل هذا الشىء حتى تصبح ابن ملك! كنت أرد عليها: وإذا لم أفعله ابن من أكون؟! هل والدى لا يعجبك؟!.
تعلمت من رفاعة رافع الطهطاوى نصيحته: كن رجلاً واسمع لكلام زوجتك، فالرأى ليس فيه ذكر أو أنثى، بل فيه صواب أو خطأ. وسمعت كلام زوجتى فى قضايا مصيرية، فكانت الثمار ما أسعد به الآن.
تعلمت من أستاذى الدكتور محمود بدر خلاصة تجاربه فى الحياة!، أوصانى قبل سفرى لإنجلترا قائلاً: تذكر أنك ذاهب كى تتعلم لا أن تعلم، إياك أن تبدى رأيك، ما لم يطلب منك ذلك. وكانت ثمرة هذه النصيحة الغالية، فى غرفة العمليات، مكانا ومكانة فى قلوب الإنجليز قصة يطول شرحها.
تعلمت ممن عملت معهم فى إنجلترا احترام المريض لأقصى حد، كان يشرحون للطفل ما هى العملية، وما الهدف منها، وكان طبيب التخدير يسأل الطفل: هل تحب أن تشم رائحة التفاح أم الموز؟!، لم أر طفلاً يبكى من طبيب أو من غرفة العمليات.
تعلمت من الهايد بارك نسمة الحرية التى تغنى بها عبدالوهاب: يا نسمة الحرية يا نسمة رايحة وجاية!.
هو ذا واحد تحت شجرة يخاطبها: أنت غذائى، وظلالى!، تعطينى الأكسجين، وتأخذين منى ثانى أكسيد الكربون، تصنعين منه مواد نشوية لى.. إنى أحبك، إنى أعبدك.. أنت إلهى!. تسأله واحدة من الحضور: منذ متى وأنت على هذا الحال؟، يقول: عشر سنوات!، ترد عليه:
هل أنت عبيط كده عشر سنوات؟!.. نضحك وننصرف لغيره!.
هذا الإنجليزى الذى يرى أنهم نور العالم، فيرد عليه نيجيرى: لقد أخذتم حضارتكم من الرومان، والرومان من اليونان، واليونان من مصر القديمة، ومصر فى أفريقيا وأفريقيا قارتى لأنى من نيجيريا!، يصفق الإنجليزى وكل الحضور له.
تعلمت من عباس محمود العقاد.. كيف كان لا بك ولا باشا، ولكنه كان يقول: البك والباشا.. كلا وحاشا!. وكيف كان له قلم مرهوب الصرير وكلمة مسموعة النفير، بالرغم من أنه لم يكن صاحب جريدة ولا رئيس تحرير!. تعلمت منه أن غناك فى نفسك، وقيمتك فى عملك، وبواعثك أحرى بالاهتمام من غاياتك.
تعلمت من الدكتور طه حسين قراءة الأحرار وليست قراءة العبيد، الأولى بحث عن الحقيقة، والثانية الاصطدام والهجوم على الحقيقة إذا خالفت الموروث.
تعلمت من الأجيال الجديدة.. أن أصغر منك بيوم يعرف أكثر منك بسنة!، فطالما تعلمت من أبنائى أ. ب TWITER، VIBER، FACE ولن نكف عن التعلم لحظة.
تعلمت وأخذت عن جبران قوله: تعلمت من الغضوب الحلم، ومن الحرامى الأمانة، ومن السافل الأدب، فلا تنكروا فضل هؤلاء علىِّ.
جعل أجدادنا القدماء تحوت رب العلم والقلم والمعرفة، رأساً للسنة الشمسية التى اكتشفوها 4241 ق.م. كما كانوا يقولون: العلم هو غاية الإيمان بالله، والجهل هو غاية الكفر به.
تعلــم فليس المــرء يولد عالماً
وليس أخو علم كمن هو جاهلٌ
وإن كبير القوم لا علـــم عنده
صغيرٌ إذا التفت عليه المحافل..