حمدي الكنيسي يكتب: د. «مو. إبراهيم» نموذج ليته يتكرر
قد يكون اسمه غريبا، علي الكثيرين، حيث أن صاحبه ـ بالإضافة إلي الجنسية البريطانية التي اكتسبها الي جانب جنسيته الأصلية ـ انتشر إسمه علي نطاق واسع في أوروبا حتي تم اختصار الأسم الاصلي إلي «مو» ـ والمهم أنه ـ قبل وبعد ذلك ـ له أكثر من قصة، وأكثر من موقف، مما يجسد ما وهبه الله من ذكاء، وعبقرية الفكر والاداء حتي انه ـ قبل ان يختصروا أسمه ـ اختصر هو الطريق نحو المراكز الاقتصادية الأوربية الكبري، كما اختصر الطريق نحو تحقيق الرأسمال الذي صار «مليار الدولار» مجرد رقم صغير في ثروته وإيراداته..
لكن الاهم من ذلك كله ـ في رأيي الشخصي انه ـ برغم بريق الشهرة والنجاح بكل أشكاله ـ لم ينفصل عن بلده وقارته، حتي أنه رفع شعارا رائعا أتمني ان يرفعه ـ باختصار هو «رد الجميل لبلدي وقارتي السمراء» وهو الشعار المحترم الذي حققه «د. مو إبراهيم» أقصد: «محمد إبراهيم»، إبن أسرة نوبية في مدينة «حلفا القديمة» بشمال السودان، وهو «ابن مصر» تعليما وثقافة وإعجابا بزعيمها الخالد عبدالناصر، حتي أنه يعتز دائما بانه سلم عليه عندما نجح في الثانوية العامة وكان من الأوائل الذين كرمهم عبدالناصر..
وهو يعتز بما تلقاه من علم في كلية الهندسة بجامعة الاسكندرية الذي كان رصيده العلمي الأول الذي استثمره عندما هاجر الي انجلترا في عام ١٩٧٤ حيث حصل علي الماجستير في الهندسة الكهربائية والإلكترونية من جامعة «براد فورد» ثم حصل علي «الدكتوراه» في الاتصالات النقالة من جامعة «برمنجهام» وبما حققه من تفوق علمي وأداء متميز اثناء عمله في شركة الاتصالات البريطانية الكبري «بريتيش تيليكوم» كان من الطبيعي ان يصل الي منصب «الرئيس التقني» لقسم الاتصالات النقالة الجديد، ومنه حقق قفزة الثقة الكبري حيث استثمر علمه وخبرته في إنشاء شركته الخاصة التي استقر اسمها عند «celtel»، وبذكائه وخبراته العميقة انتشرت فروع الشركة في عدة دول أفريقية ـ وهنا أتوقف في حديثي عن هذا الرجل ـ فقد تجلي موقفه الاخلاقي النظيف عندما رفض استخدام الاسلوب السائد في تلك الدول نتيجة لما استشري فيها من فساد، فرفض نهائيا التعامل «بالرشاوي» مفضلا التعامل «جهارا في ضوء النهار»، ومن ثم اكتسب ثقة وتقدير المتعاملين مع شركته، خاصة وأنه اضاف الي ذلك موقفا آخر له قيمته حيث قام ببناء المدارس والمستشفيات ومراكز التدريب للعاملين في شركاته حتي اكتسبوا مهارات اضافية حققت موارد جديدة لهم، كما انه جعل أنشط العاملين معه شركاء في رأس المال بأسهم منحها لهم، ومنهم من اكتسب ملايين من هذه الأسهم!!
وبالتطور الطبيعي اتجه الدكتور «مو إبراهيم» الي أعمال الخير ومساعدة الدول الافريقية علي تطوير نفسها وتجاوز مشكلاتها الاقتصادية والتعليمية، تجسيدا لشعاره الرائع المحترم «رد الجميل لافريقيا التي نشأ فيها وانطلقت نجاحاته منها» في نفس الوقت كان قراره بمنح جائزة مالية تصل الي «خمسة ملايين ومائتي ألف دولار» لأي رئيس دولة يحقق ما ينتظره منه شعبه، وهذه الجائزة التي تفوق جائزة نوبل نالها مثلا «نيلسون مانديلا» رئيس جنوب أفريقيا قبل رحيله.
«الدكتور مو إبراهيم» في مصر
معجبا ومقدرا لما حققته مصر شعبا وقيادة بثورة يونيه التي جاءت امتدادا لثورة يناير، ومتابعا برويته الثاقبة وخبراته الدولية لما تبذله مصر بقيادة الرئيس السيسي من جهود مكثفة علي طريق التنمية والبناء والتقدم بعد ان استعادت فعلا مكانتها العربية والدولية قرر الدكتور مو ابراهيم ان يمتد نشاطه وعطاؤه الي البلد التي يدين لها بالفضل تعليميا وثقافيا، وقد علمت انه بدقته المتناهية وخبرته العميقة اختار من يقود هذا العمل من أبناء مصر حرصا علي استمرار مسيرة النجاح والعطاء النظيف الشفاف.
«سؤال خبيث.. ومهم»
تري لماذا آثرت ان اكتب عن هذا الرجل الذي يفخر بانتمائه لبلده وقارته السمراء؟ هذا السؤال يفرض نفسه، وكأنني أسأل رجال أعمالنا الكبار الذين يدينون بالفضل كل الفضل لمصر بما حققوه لانفسهم من مليارات «ربنا يزيد ويبارك» .
من منكم يمكن ان يحتذي حذو الرجل السوداني الافريقي البريطاني الدكتور «مو إبراهيم».
من منكم يقتدي بما يتخذه الرجل من قرارات ومواقف تتسم بالشفافية.. والانتماء الحقي العملي؟!
من منكم يخصص مثلا جائزة ضخمة لافضل مسئول مصري يحقق نجاحا تستفيد به مصر؟
من منكم يتذكر ان صندوق «تحيا مصر» مازال ينتظر إسهامه المنشود؟!.