الدكتور رفعت سيد أحمد يكتب: حين تصبح »داعش «جماعة وظيفية !
لا يزال تنظيم داعش يحير العالم.. ما نكاد نسمع بهزيمته فى مكان، إلا ويفاجئنا فى مكان آخر بانتصار دموى جديد.. ما الحكاية بالضبط؟ وما السر الأكبر وراء هذا التنظيم، وصعوده.!؟
>قبل أيام انسحب التنظيم أمام التدخل التركى فى جرابلس بالشمال السورى وبدون قتال كما كان يفعل فى أماكن أخرى داخل العراق وسوريا، وتساءل المراقبون لماذا ؟ وهل ثمة تنسيق بين الأتراك وداعش لضرب الأكراد العدو اللدود لتركيا ـ أردوغان، ومنعهم من استكمال تحقيق حلمهم التاريخى بدولة تجمع أكراد سوريا والعراق وتركيا ؟! أم هو الذكاء الاستراتيجى للتنظيم الذى جعله ينسحب إلى أماكن أكثر أمناً، أمام جيش تركى يمتلك عتاداً وتخطيطاً أكبر من قدرات التنظيم على المواجهة ؟!! إن الأمر بات يحتاج إلى تفسير.
> وقبل أن نذهب إلى التفسير الأصوب، لنتأمل ما نشرته مجلة «فورين بوليسى» قبل أيام من شهادة وثائقية خطيرة لأحد قادة داعش الهاربين تحمل عنوان «داعش من الداخل» ونشرتها على ثلاث حلقات وحملت معلومات مهمة عن علاقات التنظيم بالأمريكان، ودور أيمن الظواهرى وخلافاته مع البغدادى، وخلافات الأخير مع جبهة النصرة ثم امتلاكهم للأسلحة الكيماوية التى يؤكد هذا القيادى الداعشي واسمه الحركى «أبو أحمد» أنها استخدمت فى أكثر من مواجهة ضد الجيش السورى خاصة فى منطقة خان العسل وفى ريف حلب والغوطة بالقرب من دمشق، وألصقوا من خلال الإعلام الأمريكى والقطرى «الخليجى» بالجيش السورى هذه الاتهامات الظالمة، لتشويهه أمام الرأى العام العربى والدولى، ولكى يتلقف السذج أو العملاء من إعلاميي هذه المنطقة الروايات الكاذبة ويشيعونها لكى تبرر مذابح داعش اللاحقة بحق المدنيين والعسكريين السوريين والعراقيين ! .
> > > إن الحدثين : انسحاب داعش أمام الجيش التركى من الشمال السورى، وشهادة «أبو أحمد» القيادى الداعشى فى الـ«فورين بوليسى»، رغم ما قد يبدو أنهما غير مترابطتين إلا أنهما يقدمان لنا دلائل كثيرة للإجابة عن السؤال المركزى الذى بدأنا به هذا المقال: ما حكاية داعش بالضبط ؟ وهل هناك من يحرك هذا ز الوحش ز ويوظفه أم هو مستقل فى فعله وسياساته !! .
دعونا نسجل الآتى للإجابة عن تلك الأسئلة :
أولاً : نحسب أن وقائع التاريخ والأحداث الدامية التى تجرى اليوم فى كل من» العراق «سوريا» سيناء «ليبيا« تجزم أننا أمام تنظيم إرهابى عابر للحدود يعد بمثابة « جماعة وظيفية» لقوى أكبر لديها أجنداتها الخاصة فى المنطقة، إن تنظيم داعش بأسلحته وتحركاته، وتوسعاته الجغرافية، لا يمتلك القدرات الكافية المتفردة لذلك. إن أصابع الاتهام وعبر خمس سنوات من الأعمال الدامية لهذا التنظيم فى العالم والمنطقة تشير إلى أن محور «واشنطن «أنقرة» الدوحة ـ تل أبيب» هو من يقف خلف هذا التنظيم إما بشكل مباشر أو غير مباشر، وأنه المستفيد الأكبر من إجرامه ودمويته. هذا لا يعنى أن الذئاب المنفردة للتنظيم لن تتمرد أحياناً على صانعيها وأنها قد تدمى وتذبح هؤلاء الصناع» ، وهو ما جرى فى باريس وبروكسل وغداً فى واشنطن !! لماذا لأن هذا النوع من الإرهاب الوظيفي لا سقف ولا إمكانية مطلقة للسيطرة على «الوحش «الأداة التى تم صناعتها فهى غالباً ستتمرد «ولنا فى نموذج أسامة بن لادن عبرة«.
ثانياً : يحدثنا التاريخ وحقائقه الوثائقية الدامغة عن نشأة هذا التنظيم أنه عرف بداية باسم تنظيم القاعدة ثم سمى نفسه بــ«الدولة الإسلامية فى العراق» فى 15 أكتوبر 2006 إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة بين المجموعات المسلحة ومندوبين عراقيين عن المحتل واسمه احلف المطيبينب وتم اختيار» أبى عمر البغدادى «زعيماً له وبعدها تبنى العديد من العمليات النوعية الإرهابية الدامية داخل العراق آنذاك، وبعد مقتل أبى عمر البغدادى فى يوم الاثنين2010/4/19 أصبح أبوبكر البغدادى زعيماً لهذا التنظيم، وشهد عهد أبى بكر توسعاً فى العمليات النوعية المتزامنة كعملية البنك المركزى، ووزارة العدل، واقتحام سجنى أبوغريب والحوت»، وخلال الأحداث الجارية فى سوريا واقتتال الجماعات المسلحة مع الشعب والقوات الحكومية السورية؛ تم وبرعاية أمريكية وقطرية وتركية؛ تشكيل تنظيم ز جبهة النصرة لأهل الشام أواخر سنة 2011، وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح فى غضون أشهر من أبرز القوى الإجرامية فى سوريا، وفى 9/4/2013 وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة اشموخ الإسلامب التابعة لتنظيم داعش، أعلن من خلالها أبوبكر البغدادى دمج فرع تنظيم القاعدة فى سوريا «جبهة النصرة» مع دولة العراق الإسلامية تحت مسمى الدولة الإسلامية فى العراق والشام الذى يرمز لحروفها الأولى باسم اداعش»، وكان الراعى لهذا الدمج مخابرات تركيا وبعض دول الخليج بأوامر أمريكية لتفكيك سوريا، وما زالت هذه الجماعات الإرهابية تقاتل الدولة فى سوريا والعراق والآن فى ليبيا حتى اليوم «2016». وقتلت من الشعب السورى ما يزيد على الـ200 ألف شهيد، واستلمت من الممولين النفطيين والأوروبيين ما يقدر بـ150 مليار دولار تسليحاً وتدريباً !! ثم بدأت تنتقل إلى سيناء تحت اسم تنظيم داعش والذى يتلقى أسلحته المتطورة بما فيها أجهزة الاتصالات والقنابل الفراغية بل والقنابل المضادة للطائرات، كل ذلك يتلقاه من قطر وتركيا وإسرائيل والتقارير والتحقيقات السرية تؤكد ذلك !! .
> > > ثالثاً : ماذا تعنى هذه الحقائق ؟ إنها تقول وباختصار أن «داعش» أضحت جماعة وظيفية للمخابرات الغربية والإقليمية تؤدى أدواراً محددة يأتى على رأسها :
«1» تشويه للإسلام المحمدى النقى، فما قام به هذا التنظيم وأخواته من تنظيمات الإرهاب فى المنطقة، يكفى لإدانة الإسلام لمائة عام قادمة ونكاد نجزم بأنه من الصعب تصحيح الصورة النقية للإسلام ذ للأسف ذ ما بقى هذا التنظيم وغيره موجوداً .
«2» تفكيك البلاد العربية المركزية، وإشغال جيوشها فى معارك الداخل بعيداً عن أطماع ومصالح كل من تل أبيب ـ أنقرة .
«3» خلق سوق مفتوح لتجارة السلاح الأمريكى والإسرائيلى والتركى فى المنطقة، وكلما وجد القتل الداعشي، راجت تجارة السلاح، وهى تجارة تحركها لوبيات وجماعات كبرى ميزانيتها تفوق ميزانية دول عظمى.
«4» سرقة النفط العراقى والسورى وبيعه بأسعار زهيدة عبر شبكة دولية تنطلق من تركيا وتنتهى فى واشنطن!!.
«5» نكاد نجزم بأن مصر وجيشها الوطنى العظيم، لاتزال، رغم قدم المقولة التى أطلقتها ذات يوم كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هى زالجائزة الكبرىس التى يستهدف محركو هذا التنظيم وأخواته، خاصة بعد الاستنزاف الممنهج لأكبر جيشين فى المنطقة بعد الجيش المصرى ونقصد بهما الجيش العراقى ذ والجيش السورى.
> نحن إذن أمام جماعة وظيفية إرهابية، ولكى نواجهها بحسم، نحتاج أولاً لمواجهة محركيها، بوعى واستراتيجية طويلة النفس لا تخدعها «دموع التماسيح» التى يزرفها كل حين المحركون لداعش .. فهل نقدر؟!