الدكتور نبيل فاروق يكتب: الجيش والشعب
مصر استعادت دور الريادة والقيادة، عندما وجدت نفسها فى مواجهة لا فكاك منها، مع الموجة الإرهابية العنيفة، التى تسعى للإطاحة بالعالم العربى كله، وإعادته بالقوة والعنف والوحشية والدموية، ألف عام إلى الوراء، فبعد تداعيات كثيرة، أطلقوا عليها كذبًا اسم الربيع العربى، فى حين أنها فى الواقع كابوس عربى بشع، أطاح بسيادة واستقرار دول عديدة فى المنطقة، بقيت مصر وحدها صامدة شامخة، لأن لها جيشا قويا.
الإرهاب دمّر استقرار سوريا، وشرّد السوريين، وقسّم السودان، وأضعف اقتصادها، وأشاع الرعب والخوف فى العراق، وأراق أنهارًا من الدم فى ليبيا، ونشر الفوضى فى اليمن، وصمدت مصر، صمدت بشُرطتها التى لا تنام، والتى تدفع الثمن من دماء رجالها وأرواحهم، والتى تحمى السائر والنائم والعامل والعاجز، دون أن تشكو أو تملّ… صمدت بجيشها الباسل القوى المتماسك الصنديد الذى يخوض حربًا تفوق كل حروب التاريخ خطورة وشراسة وعنفًا، حرب إرهاب جبان غدّار، يعتمد سياسة حرب الفئران التى تُغير على مخازن الطعام مستترة بظلام الليل ثم تعدو لتختبئ إذا ما أضئ الضوء، فئران مفترسة على الضعفاء جبانة رعديدة لا تجرؤ على مواجهة الأقوياء.
الجيش والشرطة يواجهان عصابات مسلّحة وحشية، لا تعرف الأخلاق أو الضمير أو الرحمة، تعبد الشيطان فى أخلاقها وأفعالها، وتتاجر باسم الله عزّ وجلّ فى أقوالها وكذبها، حرب الجيل الرابع، كما يطلقون عليها، والغالبية العظمى من الشعب تدرك هذه الحقيقة، وتؤازر الجيش والشرطة، فى حربهما من أجل أمن وأمان ومستقبل هذا الوطن، لأنها تدرك -عن وعى- أنه، وعلى الرغم من أن يد الإرهاب تستهدف كل مواطن فى مصر، فإن الحرب لا بديل عنها لأنه إما أن يحتملوا هذا وإما أن يستسلموا للتطرّف الإرهابى الوحشى يعبث بهم وبأموالهم وأملاكهم وحتى أعراضهم، دون إنسانية أو رحمة أو آدمية، وحتمًا دون دين، الغالبية العظمى تؤازر الجيش والشرطة، من أجل مستقبل أبنائهم وأحفادهم، ولأنهم على وعى كامل بالخطر.
أما تلك الفئة المتفذلكة، الجاهلة بحقائق الحياة، والممتلئة بالغل والغضب والكراهية، والتى تعادى الجيش والشرطة، فقط لأنهما مؤسستان قويتان، الفئة المختلة، التى تعادى مَن يحميها ويدافع عنها، كأنها تحمل سلاحًا تصوّبه إلى ظهور دروع وسيوف الوطن فى زمن وحالة الحرب، فهى فئة تنظر إلى نفسها عبر مرآة مشوّهة، فى بيت مرايا سيرك الحياة، والتى توحى لها بأن خيانتها للوطن بطولة، ومحاربتها لجيشها وشرطتها فداء وفخار، هذا لأنها مشوّهة، لا تنقل أبدًا الصورة الحقيقية، وليست كمرآة التاريخ الصافية الحقيقية، التى ستصفهم يومًا كما هم بالفعل، خونة مضللون مختلو الفكر والرؤية، مشوّهو القرار، ضائعو الاتجاه، ضلُّوا السبيل، عندما أغشى الانفعال بصيرتهم، وشوّه الحقد عقولهم وقرارهم، ومن حسن طالعنا أنهم فئة قليلة جدًّا، وأن الشعب الفعلى ما زال يؤمن بالشعار الحق، الجيش والشعب قلب واحد، ويد واحدة، دومًا.