منذ سنوات، وكلما حل موعد ذكرى مولد النبي الكريم، عليه الصلاة والسلام، يتجدد الحديث عن تجديد الخطاب الديني، ليواكب مستجدات العصر.
وتتوالى الدعوات الرسمية وغير الرسمية، المطالبة الجهات المعنية بضرورة وضع أسس وضوابط وتبني تجديد الخطاب الديني.
ولكن في الحقيقة ما يحدث على أرض الواقع عكس ذلك تمامًا، فلم نشهد مبادرة حقيقية لتجديد الخطاب الديني، بل كلما نادى أحدهم بالتجديد وتصحيح المسار الدعوي، كان الرد عليه بمزيد من الجمود في الفكر الديني.
وكأنما تلك الجهات تسمع الطلب بأنه «تجميد الخطاب الديني»!!
وفي الحقيقة لقد صرنا في حاجة ملحة لتصويب المسار الدعوي بعدما اختلط الحابل بالنابل، وصار كل من هب ودب يفتي في الدين وكأنما ليس للإسلام علماء غيورين عليه، يصححون المفاهيم ويصوبون تلك الفتاوى التي حادت عن الطريق المستقيم!
المؤسف أن الأزهر الشريف قد تخلى، بإرادته أو مرغمًا، عن دوره الإسلامي التنويري ولم يقف كاشفًا للأفكار الشاذة والروايات المكذوبة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
بل تشوهت المناهج الدراسية الأزهرية، ببعض الأحاديث المشكوك في صحتها والفتاوى غير الموثوق في سلامتها، وذلك باعتراف المنتمين للمؤسسة الدينية الأكبر في مصر والعالم الإسلامي.. الأزهر الشريف!!
فهل تصدق أن كتاب «الإقناع فى حل ألفاظ أبى شجاع» ضمن منهج الأزهر التعليمي يتضمن فتوى تجيز أكل لحم البشر مضمونها: «للمضطر أكل آدمى ميت إذا لم يجد ميتة غيره.. أما إذا كان الميت مسلمًا والمضطر كافرًا فإنه لا يجوز الأكل منه لشرف الإسلام، وحيث جوزنا أكل ميتة الآدمى لا يجوز طبخها، ولا شيها، لما فى ذلك من هتك حرمته، ويتخير فى غيره بين أكله نيئًا وغيره»!!..
أما كتاب «الروض المربع بشرح زاد المستقنع» فيؤكد أن الزوج ليس ملزمًا بعلاج زوجته إذا مرضت، فيرد فيه نصًا: «لا يلزم الزوج لزوجته دواء وأجرة طبيب إذا مرضت»!!.
هذا غيض من فيض مما يشوب المناهج لأزهرية من شوائب كتب التراث، والتي تنبه لخطورتها سابقًا شيخ الأزهر الأسبق د. محمد سيد طنطاوي رحمه الله، فاستبدل تلك الكتب بكتاب موحد اسمه «الفقه الميسر»، ولكن برحيله عادت الكتب الممنوعة مرة أخرى!!
كما تنبه لها الرئيس عبد الفتاح السيسي فأطلق نداءه الصريح بضرورة «إذابة الجمود» عن الفكر الإسلامي، وتجديد الخطاب الدعوي، منذ عام تقريبًا، في ذكرى المولد النبوي الشريف العام الماضي، قائلًا لشيخ الأزهر «سأختصمك أمام الله يوم القيامة»!!