النص الكامل .. مسرحية قبائل كاكاهونا للمبدع البورسعيدي حسن خلف حسين
الفصل الأول
المشهد (١)
خلفية المشهد عشة من الجريد وسعف النخيل أشبه بمنازل مجاهل أفريقيا تتوسط المسرح وقد أعدت للضيافة، من الداخل مقاعد من جذوع النخيل يقف أمامها حارسين أحدهما صبي والآخر عملاق بيد كل منهما قرن يستخدم نفير (بوق)، ملابس الجميع من فراء الحيوانات وأوراق الشجر حسب أهمية مكانته في القبيلة.
(تدخل زوما مهرولة قاعة الاجتماعات يتبعها أبوها كبير زعماء القبائل لاهثًا يقول في رجاء:
– يا بنتي يا حبيبة قلبي.. امتناعك عن الأكل تلات أيام لغاية دلوقتي مش حل أبدًا، أنا خايف عليكي وعلى شبابك (بلهجة إغراء) تعالي أدبح لك تيس فحل واخلِّي الحريم يِشووه ع الهادي و….
زوما : (مقاطعة وبتحدي) بووي ما عايزة أي أكل، عايزة حبيب القلب وبس، عايزة (شاوا) اللي حَكَمت عليه بقطع لسانه لمَّا جالك يطلب يتجوزني.
زعيم القبائل : (في صرامة) طبعًا لأنه خالف وعمل جريمة وكسَّر عادتنا واتكلم أكتر معايا أنا الزعيم أكتر من أربع كلمات ودي جريمة عقوبتها قطع اللسان وانتي عارفة والقبيلة كلها عارفة وانتي الوحيدة في القبيلة اللي عندها حصانة ومن حقك المخالفة والرغي ولغاية دلوقتي قطعت ٢٧ لسان مافيش حد اعترض، هو الوحيد اللي هرب قبل تنفيذ الحكم، (يجز أسنانه)، يا ويله لو مسكته هاقطع له لسانه وعليها ودانه هدية.
زوما : (تَتخيَّل وتصرخ) بوووي كفاية كفاية
الزعيم : (يتودَّد) صدقيني يا زوما ده ولد طماع وغبي، يعني فيها إيه لو جِه يخطبك مني في ٣ كلمات وبس (تمثيل ويعد على أصابعه) يا زعيم جَوِّزني بنتك، أهو ٣ كلمات بس، إنما رغي وقعد يحكي معايا يطلع سبعين كلمة، ده غير الفواصل وعلامات التعجب والاستفهام، فيه زعيم في الدنيا عنده وقت للحكي والرغي؟!.
زوما : (تتوسَّل) بووووي أتوسل إليك تِعفي عنه وتسامحه وتخلِّيه يتجوزني، أنا باعشقه يا بوووي (نحيب).
الزعيم : (يهتز قليلًا ويُقبِل عليها) بلاش كلمة بحبه وباعشقه، بِتشُكِّني في قلبي لمَّا اتصور لحظة ياخدك راجل مني وتسيبي بوووكي، (لحظة صمت) مين يقول لي بوووي بعدك؟ إخواتك كلهم بينادوني (بو) وانتي الوحيدة بتطلع من بوقك بووي زي عسل الجبل، بقى عايزاني أفرَّط فيكي؟ طب مين غيرك يقول لي قصص قبل ما انام؟ ومين يِوَكِّلني الفراخ المشوية اللي عليها طماطم؟
(يتلعثم) يا بنتي أكلمك عن مشاعر بووكي لما يلاقي بنته بتتجوز وهتروح عشة تانية بعد ما كان اتعوِّد يلاقيها مَرمِيَّة فوق أي حجر لا بتهش ولا بتنش، ساعتها تطلع مشاعره الجبارة اللي تهز الغابة وقت المطر، ساعتها يبكي معاه الحجر والشجر (تمثيل النحيب)
وبعدين الواد ده طمعان في زعامة القبيلة لا لا لا
زوما : (بعصبية شديدة) ماشي يا (بَوّ)
الزعيم : بلاش (بَوّ) دي حبيبتي
زوما : (ترد بطفولية) بَوّ.. بَوّ.
(تهرول منصرفة تُردِّد بعصبية (لإغاظته)، ومن خلفها الزعيم
الزعيم : (بعناد طفولي) بَوّ لما يبَوبِوِك.
(صوت نفير متقطع ينبئ بوصول زعماء القبائل القادمين على حميرهم في ثيابٍ مختلفة؛ لحضور اجتماعٍ طارئ بعشة الاجتماعات المخصصة، يستقبلهم زعيم القبائل المستاء لرؤية حارس العشة صبي صغير)
فيسأله : يا بني إيه اللي موَقَّفَك هنا؟
الصبي : واقف مكان بوووي.
الزعيم : (في عصبية) و ابوك قاعد جنب المَرَة يدعك صوابعها؟!
الصبي : لا قاعد في البيت لغاية ما لسانه المقطوع يِخِفّ ويبقى أخرس.
الزعيم : إتقطع لسانه ليه يا أبو لسانين؟
(الصبي واضعًا يده عَلِي فمه وأخذ يرد بالإشارة حتى يأس الزعيم منه)
وصرخ الزعيم في الحارس الآخر: أُقَف لوحدك وفَتَّح عينيك
(يميل عليه سائلًا): هما قطعوا لسانه ليه؟
(أخد الحارس يشرح بالإشارة سبب قطع لسان زميله بحركات بهلوانية غير مفهومة)
مما اضطر الزعيم للمغادرة قائلًا: (بصوت مخنوق) شعب غبي.
المشهد (2)
منظر بجوار عشة الاجتماعات عبارة عن جدول ماء حوله أشجار وارفة ونخيل.
تتحرك زوما في مشيتها منفوخة الصدر أشبه بالمُصارِعات فاتحة رجليها، حتى تصل حافة جدول الماء الجالس أمامه (شاوا) حبيبها وظهره لها فتنقض عليه بغتة وتصرخ بقوة بِغِيَّة إخافته:
زوما : بوووووي
(ينقلب شاوا على ظهره في رعب) وأخذ يصرخ قائلًا: لا لا متقطعوش لساني هو اللي حيلتي، عايز اتكلم وقت ما انا عايز، سيبولي لساني.. و
(زوما تقهقه.. أصابتها نوبة ضحك هيستيري.. وأخذت تهدئ من روعه وحاله وتقول: يا شاوا اثبت أنا زوما حبيبتك، ما تخافش حبيبي، إهدا إهدا يا روحي (تقهقه) كخ كخ كووووخ، (نبرة سخرية) إهدا يا سبعي يا جملي يا سفينة الصحرا، كنت هتموت م الخوف.. يا خوفي لما نتتجوز، بَانِت وهتبقى جوازة معيزي كخ كخ كوووخ
شاوا : (يلتقط أنفاسه صارخًا ) يا بت انتي هبلة؟
زوما : (بعفوية) آه كخ كخ كووخ.
شاوا : وإيه ضحكة الجدي دي (مقلدا) كخ كخ كووخ، (بجدية) ممكن ما تضحكيش كده تاني؟
زوما : (ضاغطة على أسنانها) حاااضر، إسمع وركِّز عندي ليك موضوع، حكاية غريبة حصلت لي أما نزلت من عندك من فوق الجبل وسيبتك في كهف الهروب بتاعك لقيت مين قدامي؟
شاوا : (ساخرًا) لقيتي أسد أكلك وارتحت منك.
زوما : (ترد اعتبارها) فعلًا بووي عنده حق لما قال عليك ولد غبي كخ كخ كووووخ.
شاوا : (يصرخ بحدة) زوما.
زوما : خلاص خلاص يا سيد الناس، لقيت يا حبيبي بوووي على حصانه مستنيني، اترعبت وقلت لنفسي إنه عرف مكانك وهينفذ عليك الحكم؛ قطع اللسان وعليهم الودنين هدية، و..
شاوا : (بخوف) كَمِّلي يا وِش الخير.
زوما : (نظرة ثاقبة) مسامحاك يا شاوا، سألني بصوت عالي، اترعشت ووقف تفكيري، وبدأ يسأل خَرَجتي ليه م العشة وكنتي فين ومع مين؟ وبتعملي إيه و..؟
شاوا : (نفخة نفاد الصبر) اختصري الرغي يا زوما بدل ما اقوم اقطعلك لسانك.
زوما : (بسخرية) اللي زيك هو اللي يتقطع له لسانه وودانه إنما انت عارف (بفخر) إني عندي حَصَانة والباقي رعاع ( تخرج له لسانها)
شاوا : شكرًا يا بنت السفاح.. زوما يا أم الحَصَانة.
زوما : (تزمجر كالقرد) إلا بوووي، وسيبني اكَمِّل وكفاية رغي، لما توهت في كلام بووي ومعناه قلت بسرعة يا بووي عيب أنا كنت فوق عند الرب أَقدِّم له أكل وأَوصِّيه عليك وعلى القبيلة، ويعطينا الخير وبلاش اللي حوالينا و..
شاوا : (تائه) يا بنت القرود (بلهفة) كَمِّلي كَمِّلي بوووكي قال إيه؟
زوما : قال بسعادة، يعني الخير اللي احنا فيه ده بسببك يا حبيبتي؟ طول عمري أقول عليكي إنك وش الخير ومش ممكن أوافق تبعدي عني لحظة، يلَّا يا حياتي نطلع نشكر الرب مع بعض، وكده افتكرت كلام الكاهن العجوز اللي جبته يعلمك وهو بيكلمك عن الرب وكنت أقول عليه مجنون.
شاوا : ( بيستعبط ) وعلي كده طلعتي معاه تشكري الرب؟
زوما : كفاياك غباوة، بعد الزنقة دي قلتله ماينفعش خالص يا بوووي ممكن يِأذيك ويسخطك قرد، لازم أسأله الأول واتمنى يوافق، وطول الطريق للعشة أنا اللي راكبة الحصان وهو ماشي، وسألني شكل الرب إيه؟ طويل والَّا قصير؟ بيحب لحم الجدي ولا الخروف؟ طب لما بيزعل بيعمل إيه في اللي يزعَّله؟ أبعتله جوز حريم حلوين يِسلُّوه؟، لغاية ما راسي اتنفخت.
شاوا : (يقهقه بهستيريا) فعلًا أعترف إني جنبك غبي وكمان بِدِيل قصير.
زوما : (معترضة) لا يا حبيبي إنت اللي علمتني الحياة والحب والفضل ليك إنت والكاهن، بقيت إنسانة تانية خالص غير المِعيز اللي عايشة معاهم.
شاوا : وانا كمان يا روحي الفضل في تعليمي أي حاجة علِّمتها لِك بووي؛ اللي اتعلِّم ورا الجبل مع الناس اللي هناك عندهم العلم وعارفين قيمة التعليم والإنسان عامة، يلَّا يا زوما الشمس بتغيب لازم أطلع الجبل اللي فيه سجني باختياري أحسن ما يتقطع لساني، ماتنسيش وانتي جاية تطلبي من بوووكي ربع خروف مشوي وتقولي ليه عشان الرب يرضى عنك لازم تِغذِّيه، واني كمان وافقت إنه يقابلني من بعيد في الضلمة ويغمَّض عينيه احتياطي، وأنا كمان هاعمل ساتر حجارة.
(يتقدم شاوا ناحية زوما)
شاو : (في حنان ونعومة) يلَّا انتي كمان هاتي حاجة كده عشان الرب يرضى عنك (زفرة شوق).
زوما : عيوني يا شاوا حبيبي بس لِف كده إدِّيني ضهرك يا روحي.
(تتقدَّم نحوه وتركله ركلة قوية برجلها ثم تهرول ضاحكة كخ كخخ كخخخ كووووخ).
شاوا يصرخ متألمًا: آه يا بنت القرود.
المشهد (3)
داخل عشة الاجتماعات ويجلس فيها متراصين بحيث يراهم المشاهد جميعهم من صالة العرض.
كبير الزعماء : (نبرة وقار) هلا وغلا بيكم وفيكم السادة أصحاب المعالي زعماء القبائل المحترمين الطيبين، إنه لشرف كبير أن اشوفكم هون على أرض قبيلتي، أرض الكرم والنضال الذي صنعه أجدادي الأولين وهاهم يقدموني لكم زعيمًا جسورًا تهابه الأرانب في البرية، وإذا صرخ تحت شجرة تساقطت أوراقها الجافة فوق رأسه ولا يبالي.
(بحماس والصوت يعلو): والويل كل الويل وكمان الويل لمن يتجرأ ويمس شعرة من غزالة شاردة في البراري الفسيح المترامي الأطراف، وهذا إنذار شديد اللهجة عنيف المعنى لسكان خلف الجبل الوِحشين خالص خالص، أتمنى تكون المشاوي عجبتكم وقد أشرفت بنفسي على الشوي بمنتهي الدقة لتنعمون، وشكرًا.
(تصفيق حار) الكلمة الآن لزعيم القبيلة “كوكا”
الزعيم (كوكا): (يتنحنح ويمسح على بطنه) الزعماء الخالدين، أنا بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن قبيلتي جميعها أوجه الشكر الجزيل لزعيمنا “موكا” على الوليمة الفظيعة وأدعوه لتكرارها طول فترة إقامتنا وأن نعود محملين منها إلى قبائلنا منها المنتظرة بلهفة وبطونهم خاوية. وشكرًا.
(تصفيق بحرارة طويل)
الزعيم موكا: أشكر الزعيم كوكا على كلمته المؤثرة التي أثارت في النفوس الشجن وجعلت الحقائق جلية، وتدفعنا جميعًا نحو التخاذل واتخاذ مبدأ تطييب وجبر الخواطر.
(يلمح ابنته زوما تشاور له)
(والآن استراحة لتناول الطعام على أن نعود لهذا الاجتماع بعد الأكل اللذيذ).
(يخرج كبير الزعماء يلتقي بابنته زوما أمام عشة الاجتماع)
الزعيم موكا :(منفعلًا) ينفع كده يا زوما تنادي عليَّ وأنا مجتمع مع الناس المهمة دي بندرس هموم الناس!!
زوما : بوووي الرب وافق إنك تقابله عشان تشكره، جيت أقولك وأفَهِّمك شوية حاجات تخلِّي بالك منها قبل المقابلة، وكمان تخلِّي الحريم يجهزوا أكل كويس لإنه قال لي عايز فخدة مشوية، وانا هاكون معاك عشان خايفة عليك من غضبه.
كبير الزعماء: (بخوف) ماتسيبينيش لوحدي معاه بووكي مش متعود يقابل رب قبل كده.
زوما: (تهدِّئ من روعه) يا بوووي الرب قلبه طيب وحنين مش هيعمل لك حاجة، بس انت اسمع الكلام وما تعترضش وهو هَيروَّق عليك، أهم حاجة وشك في الأرض وما ترفعش راسك أبدًا عشان ما ينزلش عليك سخطه.
كبير الزعماء : ماشي، بس الأول أدخل لزعماء القبائل أقول لهم ياخدوا راحتهم هاتأخر عليهم وأوصيهم على قبيلتي لو جرالي حاجة.
(في هذه اللحظة تتقدم زوما ناحية الحارس الواقف أمام عشة الاجتماعات) وتقول له..
زوما : (في غلظة) إسمع يا بغل إنت من هنا ورايح تِبلَّغني كل حرف يتقال جوا هنا في اجتماع الزعماء حتى اللي بيقوله بوووي، الكلام ده بيني وبينك ولو حد عرف بيه إطمن، عيلتك كلها هتتكلم بالإشارة (مفهوم)؟
الحارس : (في رعب) مفهوم طبعًا يا بنت سيدنا الزعيم.
(يخرج زعيم القبائل لبنته زوما التي تسير أمامه بمشيتها الغريبة فاتحة ذراعيها نافخة صدرها، وتقول..
زوما: يلَّا يا بوووي أسرع شوية بدل ما الرب يطيِّن عيشتك ويسخطك فرخة مشوية براسين كخخخخخ.
إظــلام
الفصل الثاني
المشهد (1)
الخلفية سطح جبل غير منتظم فيه منحدر للصعود للأعلى والهبوط منه نحو الأسفل، في القمة منطقة شبه مسطحة هي المنطقة المستخدمة في العمل وهي مقسمة لجزئين إحداهما كوخ يغلفه سياج من الحجارة غير المنتظمة وبه شعلة نار.
(تقترب زوما من منطقة الصعود وخلفها أبيها زعيم القبائل)
زوما : (بجدية) خليك هنا بوووي أطلع أشوف الرب ليكون عريان أَنبِّهُه وابلَّغُه إنك جاي تقابل عظمته، بس وانت طالع يا بووي خلي بالك على نفسك (تثير فيه الرعب) على يمينك فيه كهف نايم جواه فهد شرس وبعديه جُحر تعابين ممكن تبلع جاموسة بحالها، الرب معاك يا بووي.
(استمرت زوما في الصعود مع أصوات عواء ذئاب مختلط بفحيح ثعابين)
زوما: (تنادي بصدي صوت) بوووي إطلع يا زعيم.
زعيم القبائل : (في رعب) خليكي واقفة وعينك عليَّ لغاية ما نتقابل إن كان فيه عُمر واللُّقا نصيب.
زوما : (بتهكم) ماتخافش يا بووي هتعيش لغاية ما تجوزني وتفرح بأولادي.
الزعيم : (لاهثًا) يا تري مين يعيش يا زوما يا حبيبة قلبي.
(مع وصول الزعيم بدأت زوما تُحرِّكه بيديها حتى لا يرى ما خلفه من معالم؛ حرصًا منها على عدم رؤيته الحبيب شاوا المؤدي لدور الرب المزعوم):
شاوا : (بصوت فيه فخامه وغلظة) إنت موكا؟
الزعيم : (يزهو) تقصد الزعيم الأوحد موكا
شاوا : (يلقي عليه بعض الحصى تصيبه) الزعيم دي تحت مش هنا يا تافه يا واضع قوانين، هنا لا يعلو صوت فوق صوت الرب، إياك أن تتباهى مرة تانية وإلا نزلت عليك لعنتي وحَلّ بك سخطي وجعلت منك أنثي من إناث الأسد ينال منها الجميع حتى حمير الغابة.
(صرخة مدوية اهتز معها صمت الليل المخيف)
الزعيم : (مرتجفًا يمسك بـ زوما ويتلعثم) لك ما أمرت جناب الرب الفظيع.
شاوا : باختصار يا موكا ما سر اجتماع زعماء قبائل الهبل عندك؟
الزعيم : باختصار سيدي جايين يتسنكحوا عليَّا يِطلعوا مِنِّي بحاجة وإلا ينفِّذوا تهديدهم بعمل مصالحة مع القبائل اللي ورا الجبل اللي قبل كده سرقونا وحرقوا عشش أهالينا وياما عملوا فينا.
شاوا : (بسعادة) أول مرة أعرف إنك بتفهم يا موكا.
الزعيم : الحقيقة عظمتك الفضل لـ بنتي زوما هي اللي كانت بتفهِّمني كل حاجة، دي مش بنتي (ينظر لـ زوما بحنان ونعومة) دي موووي واختي وكل دنيتي و…..
شاوا : (مقاطعا بانفعال) احترم نفسك يا راجل وبلاش سهوكة ومُحن خلاص فهمنا انها سندك وبتحبها، بالمناسبة إنت من وقت ما جيت هنا اتكلمت معايا كام كلمة؟
الزعيم موكا : كتير أكتر من مِيت كلمة جناب الرب بس ليه؟!
شاوا : (ساخرًا) يعني تتكلم مع الرب الكبير براحتك وما يعملكش حاجة ولو حد كلمك انت يا تافه أكتر من تلات كلمات تقطع له لسانه؟! عشان تعرف إنك متخلف وغبي.
الزعيم موكا : كفاية بقى إهانات أنا زعيم برضه وليَّا هيبتي.
شاوا : عندك حق يا موكا ماتزعلش من عشمي فيك، وانا عارف إن قلبك طيب وهاتغيَّر القانون الوحشي ده وتوقف قطع اللسان.
الزعيم : (مستغلًا لين الرب) طب أنا ليَّا طلب واحد عند جلالتك وعظمة عظمتك.
شاوا : قول يا موكا بس باختصار.
موكا : أول حاجة تبعت لنا خير كتير قوي للقبيلة وما تنساش إن ليك نصيب منه، وأول حاجة تخلِّي العيِّل الصايع يبعد عن زوما بنتي حبيبتي.
زوما : (صرخة) بوووي
شاوا : (يلقي ثلات حصوات على موكا متتاليات ويصرخ) إنت قلت طلب واحد يا غبي، كمان عايِرتني بالأكل اللي باعتهولي وبعدين تستهبل في المرتين وتقول أول حاجة، ونسيت إنك قدام رب صاحيلك، يلَّا امشي يا غبي واستلقَّى وعدك مني يا ناصح جاي تضحك على عظمتي يا واطي، مش هاسخطك دلوقتي عشان تعبان والسخط عايز وقت ومزاج يلَّا غور من هنا وابعتلي اتنين من المجتمعين العشرة، قول لهم ربكم عايزكم الليلة قبل الشمس، أما انتي يا زوما أنا اخترتك مساعد رب أول لشئون القبائل، قبل ما انسى اللي هاتبعتهم كوكا وطوكا (صرخة مدوية) يلَّااااااااا.
(هرولت زوما بصحبة أبيها عَدوًا للأسفل)
المشهد (2)
المكان داخل العشة الكبيرة المخصصة للرسميات والمُجتمِع فيها زعماء القبائل.
يدخل الزعيم موكا يلهث طالبًا من ابنته زوما مصاحبته في هذا اللقاء:
الزعيم موكا: (صارخًا) إصحوا يا زُعَمَا الأمر صعب وانتم نايمين جوه ودانكم، مافيش وراكم غير الأكل وحاجات تانية زي الحيوانات بالظبط مع إن الحل بسيط في إيدينا زيّ ما عملت، إننا نقرَّب من الرب ونروح له نتعرف عليه ونطلب منه اللي عايزينه من غير كسوف زيّ ما انا عملت ولسه جاي من عنده و..
الحضور : (صيحات وهمهمات)
الزعيم موكا: (صوت عالي حاد) أرجوكم اسمعوني والأسئلة كلها في نهاية الخطبة بتاعتي هي دي مشكلتنا مابنحبش نسمع حد يا سادة صدقوني باقولكم لسه جاي من عنده وكانت معايا بنتي زوما وقضينا معاه وقت لطيف وكان قد إيه ظريف ودمه خفيف وقعد يهزر معايا وكان فرحان بِيَّا أوي وقال لي يا ريتك كنت جيتلي من زمان، إنت لازم تيجي تقعد معايا كل يوم شوية عشان تِخفِّف عَنِّي هَمّ الشيلة التقيلة بتاعِت الناس وسألني عايز حاجة مِنِّي لاقاني مكسوف قال لي خلاص احنا بقينا صحاب جلالتك يا زعيم القبائل الجَسور و….
زوما: (تصرخ متبرمة) بو بو بو
الزعيم موكا: (ينظر ل زوما متوسلًا) في النهاية طلبت منه طلب واحد بس إن يبعتلي الخير ويزيدني منه، زعل قوي وعاتبني وقال كده برضه يا صاحبي من غير ما تقول حضرة حضرتك إنت تؤمر وانا هنا في المنطقة دي عشانك يا موك موك هيأ هيء هيأ أصل ده إسم الدلع بتاع موووي ما هو الرب بيعرف كل حاجة، أرجع وأقول من حسن الطالع بيننا إتنين اختارهم الرب يقابلهم مع إني كنت أتمنى يقابلكم كلكم لكن وجهة نظره إنكم غجر بتحبوا الهيصة وبتكرهوا النظام فَفضَّل جلالته يقابلكم اتنين اتنين يمكن يفهم منكم ويحقق لكم طلباتكم، هيتم الإعلان عن الاتنين بعد انتهاء القعدة مع بعض واللي قال عن قعداتنا دي قعدات ملهاش لازمة واعذروني كمان إنه قال عظمته إنكم كمان مالكوش أي لازمة، ساعتها صرخت فيه وقلت عيب عليك يا رب دول زي العسل، وأحب إني أزف لكم بشري عظيمة إن الرب اختار بنتي وحبيبة قلبي زوما بنت موكا مساعد رب أول من غير ما يشوفها وهذا دليل على معرفته الجامدة بزعامتي وشرف عيلتي الفظيع.
(تصفيق حار جدًا وصيحات مع أغنية تلقائية جماعية بالتصفيق زوما.. حبيبة الرب.. زوما انتي الحب.. يا زوما يا زوما يا زوما هيييييه مع خجل زوما)
الزعيم: أدعوكم لاستراحة للأكل وبعدين نِكمِّل، يلَّا تعالي يا زوما يا سعادة مساعد الرب الجميل.
(ينصرف زعيم زعماء القبائل مع ابنته زوما ينفرد بها أمام عشة الاجتماعات)
زعيم القبائل: مالك زوما حسيت إنك مش مبسوطة وقت الخطبة، هو انا قلت حاجة غلط او انفعلت زيادة أو ممكن أكون هَجَّصت؟ يا زوما يا حبيبتي أنا عارف طبيعة البهايم إللي قاعدين قدامي عشان كده. باتعامل معاهم بالطريقة اللي تناسبهم وطبيعة مكانتي عندهم، غير كده ياكلوني ماتلاقوش مني حتة عضم موجودة، وهي دي المعاملة بين القبايل.
زوما: بوووي انا بحبك وشايفاك بعيوني راجل جميل مش راجل مِهياص مش قرد، أنا شوفتك قرد وانت بتخطب وده زَعَّلني عليك مش منك، ده حتى وانت بتتكلم عن الرب كنت غريب أوي وي وي وي دا الرب لو سمع كلامك عنه يعلقك في الجبل ويخلي الصقور كل ما تجوع تنزل تاكل لحمك كخخخخخ كووووخ.
موكا الزعيم: أدخل أنا الاجتماع وروحي جهزي نفسك تقولي خطبة بصفتك مساعد أول الرب تقوليلهم بعض نصايح في التعامل معك ومع الرب بعد منصبك الجديد.
(انحناءة خفيفة منه أمام زوما ثم انصرف ما جعلها تقبل رأسه في حزن وتغلب دموعها وتربت على كتفه بحنان، ينصرف للداخل وهي تقترب من الحارس)
زوما: عملت اللي قلت لك عليه؟
الحارس: ( يهز رأسه بالإيجاب)
زوما: خذ راحتك قول اللي عندك ومفيش العقاب عَلى اللي يزيد من ٣ كلمات.
الحارس: (مطمئنًا) يا لهوي عَلى اللي اتقال عظمتك يا مساعد أول الرب الجميل.
زوما: قول كل التفاصيل من غير بغبغة وانا هاحلل وياللا عشان ورايا مهمة في الاجتماع.
(الحارس يهمس في أذن زوما بما لديه من أخبار التصنت على الزعماء بينما هي فاتحة فمها مندهشة مرة تلطم عَلى خَدَّها ومرة تصرخ في صمت).
(موقع أغنية مع رقصة تعبيرية حسب رؤية المخرج)
في الوش مرايا .. وانا في عمايا
ضيوفنا بياكلونا .. اطفحوا وسيبونا
…
…
(ظهور زوما بملابس مختلفة مع شعر مبعثر ومشية مختلفة تتوافق ومنصبها الجديد من وجهة نظرها لتبدو ملفتة للنظر ومثيرة للدهشة والضحك من خلال اكسسوارات من الطبيعة حولها، تدخل عشة الاجتماعات وتلوح لزعماء القبائل بيديها حتى تصل المنصة جوار ابيها الذي اعد لها صخرة تجلس عليها أعلى من صخرته، بدورها ذهبت إليه وأخذت بيديه وقبلتها وأجلسته مكانها وسط تصفيق حار من الزعماء ودموع أبيها)
زوما: (وقار واتزان هادئ وبدأت الخطبة) بوووي جلالة زعيم زعماء القبائل يا من علمتني السير فرحا فوق أشواك إبر الحياة، أتيت بمن يعلمني حروف ونبض الكلمات، ظللت تراقبني بعيون قلبك الساهرة حتى نضج الجسد والفكر عندي، أنام وعيونك ما نامت حتى الآن، ألتمس لك كل العذر لما تفعل بي ولن يتحول قلبي فأنت الحبيب، ثق يا بوووي أنني لن أفك ضفائري إلا برضاك.
(الحضور جميعهم في حالة توهان لا يفهم أحد منهم ما قالت زوما عدا ابيها موكا الذي ذهب إليها باكيا حاضنا لها وسط تصفيق الحضور والجهل يغطي الوجوه)
الزعيم موكا: ( متعمدًا التدخل محاولًا الثبات) دلوقتي يا زعماء أعلن لكم عن رغبة الرب وأوامره في مقابلة الزعيمين كوكا وطوكا وتسبقهم مساعد أول الرب فوق الجبل واتمني ما ينسونا عند الرب بكل ما هو حلو وطيب، استراحة للأكل اللذيذ.
(ظــلام)
الفصل الثالث
المشهد (1)
نفس المكان أعلي الجبل الذي التقى فيه شاوا (الرب المزيف) مع زعيم زعماء القبائل (موكا)، خلف ساتر الصخور شاوا بجواره زوما.
(الزعيم كوكا يلهث مستندا عَلِي الزعيم طوكا عقب وصولهما أمام مخبأ الرب)
الزعيم طوكا: (ساخرا) مالك يا كوكا شكلك ضايع وقاطع النفس يعني طلعت زعيم تقعد في عشة عظمتك تاكل لغاية لما تموت وحواليك حريمك بيدعكوا في قفاك المربرب أوه أوه أووه.
الزعيم كوكا: (غاضبًا) بلاش تريقه يا طوكا ماتفرحش أوي بشبابك وما تنساش إني قد ابوك اللي عظمتك قلبته وقعدت مكانه
طوكا: يا ساتر عَلِي الحقد الأسود، وبلاش نفتح أوراق الشجر لبعض وخلينا ننبسط مع الرب اللذيذ اللي جايين نقابله شكله هيطلع رب مسخرة أوه أوه أوووووه.
شاوا: (بعدما يلقي بحجر من الداخل بعنف ناحية طوكا يصيبه) بتقول رب مسخرة يا متخلف يا سافل يا تربية الخرتيت؟! (صوت أعلى) يا عيل تافه دماغ تور على جسم غزال مخطط
زوما: (تصحح) حمار مش غزال، (صيغة أمر) تعال قدام شويه ناحيتي يا فالح.
(يتقدم طوكا في رعب ليتلقي حجر في وجهه فيصرخ ألمًا).
شاوا: (بصوت عالي) تعال انت كمان يا جناب الفيل قدامي.
كوكا: (في تذلل) أنا مش قادر امشي عظمة الرب القادر أناشد رحمتك.
شاوا: (في هدوء) طول عمرك رمادي ماشي بين القبايل تراضيهم عشان تعيش وعامل حبيب الكل يا كوكا.
كوكا : (يتلعثم) شوف عظمة عظمتك أنا ما اسمحش لك تقول كده على جناب الزعيم كوكا.
شاوا : (صرخة) قلت إيه إيه؟ جناب مين يا ذنفل؟ تقول ده جنب جنب حريمك هناك، إنت هنا في حضرة الرب الفظيع.
(صرخة ثم إلقاء حجر ناحية كوكا، ارتعدت فرائصه)
الزعيم طوكا : (منفعلًا) هو احنا جايين هنا تشتمنا وترجمنا بالحجارة؟ احنا زعماء قبايل محترمين وعظمتك ممكن تشتمنا بس وبعدين الزعيم موكا قال لنا إنك طيب وحنين ودمك خفيف وابن نكتة، أوم تطلع شرس بالشكل ده؟
شاوا : (مقاطعًا) ومقالش عليَّا كمان إني بـ العب بعد الضهر شقلبظات مع القرود؟
الزعيم طوكا : (في لؤم) متهيألي كان هيقول إنما ماكانش فيه وقت أو ممكن يكون اتكسف و….
زوما: (تضع يدها على فمها تكتم ضحكاتها وتشد رداء شاوا).
شاوا : (صرخة مدوية بعد الرجم) تأدب في حضرة الرب يا حلوف وإلا سخطتك كلب من غير ديل.
طوكا : (في خوف) ممكن جنابك تقول لنا عايز مننا إيه؟
شاوا : الرب محدش يسأله هو اللي يسأل؟ قولي يا طوكا حكاية الفتحة اللي عايز تعملها توصل بينك وبين القبايل اللي ورا الجبل عشان تنظموا العيشة مع بعض وتخربوا كل القبايل اللي حواليكم وتاخذوا خيرها؟
طوكا : الكلام ده معرفش حاجة عنه (تلعثم) كلام غريب جدًا جناب حضرة حضرتك.
شاوا : عايزك تفهم إن أنا الرب وليا مساعدين في كل حته، بيسمعوا وينقلوا له كل همس ولمس بيحصل تحت على الأرض وفي الغابة وعشش القبايل وحتى جوه الجبل، المساعدين دول بمختلف الأشكال عَلِي شكل حارس مثلًا أو فرخة يعني
أو ورقة شجرة دبلانة أو واحدة جميلة زي القمر أو ….
زوما (تضربه بقوة بكلتا يديها)
شاوا : (يتألم) استراحة للعلاج أقصد للأكل اللذيذ عشان شايف كوكا ماسك بطنه من الجوع لفوا ضهوركم وغمضواعينيكم والأكل هتلاقوه بعد شوية قدامكم، مش عايز ولا حركه.
(زوما تقوم بالمهمة وتعود مسرعة مع إظلام منطقة الزعيمين وتسليط الإضاءة عَلِي منطقة شاوا وزوما).
زوما : (محاولة كتم الضحك) طوكا طلع فظيع وداخل معاك تحدي ومش خايف إنك الرب وكمان قالك ونافخ صدره (تقلده) إحنا جايين عشان نتشتم وننضرب ياريت تشتمنا كوخخخخخخ)
شاوا : هاقول تاني بلاش ضحكة المعيز دي يا زوما، وقعدتي تشدي ملابسي كانت كلها هتنزل و…
زوما : (في خجل) إتلم يا شاوا حبيبي أحسن لك.
شاوا : بس عارفة المعلومات اللي أخدتيها من الحارس أفادتني جدًا وانا باتكلم مع الزعيمين حَسُّوا إن أنا فعلًا عندي مساعدين حواليهم بيراقبوا كل تصرفاتهم.
زوما : (في غيظ وغيرة) وحتي ورق الشجر أو واحدة جميلة زي القمر، مين الجميلة دي اللي بتتكلم عنها يا شاوا؟ قول ومش هازعل، هي واحدة عرفتها لما كنت بتتعلم ورا الجبل؟
شاوا : (مع نظرة حب سابحة في جمالها) أووووخخخخخخ.
زوما : (بعصبية) محبش الضحكه دي قولتلك بلاش سخافة.
شاوا : (بنعومة) إنتي الروح وروحي واحدة ولولاكي أكون بلا روح يا نبضي الفائر كل ليلة من ليالي عشق الحرائر يا كل جوارحي و..
(أقبل عليها يريد تقبيلها تدفعه بيديها)
زوما :(في تحدي) إنت عايزني أرميك من فوق الجبل. أنا وعدت بوووي إن ضفايري ما تتفك إلا بعد رضاه.
(تهرول زوما نحو منزل الجبل تردد الرب شاوا مجنون، عقب نزولها مباشرة ينادي شاوا على الزعيمين)
شاوا : انت يا زعيم انت وهو كفاية أكل ولا عايزين تقضوا يومكم تاكلوا وتسيبوا الرب وحده.
كوكا : أكل عظمتك لذيذ، ياريت جنابك تِدِّينا منه واحنا ماشيين ما أجمل عطايا الرب الكريم.
شاوا : عندي من الخيرات كتير أوي، (ساخرًا) واللا عندك أكتر يا زعيم طوكا؟ ياللي اتفقت مع قبايل اللي ورا الجبل تفتحوا فيه فتحة بينكم تروحوا وتيجوا لبعض ومفيش حد شايفكم وكمان تعملوا اللي انتو عايزينه في القبايل إللي حواليكم وتعمل عبيط انت وهما.
طوكا :(مضطربًا) أنا ماباعملش حاجة غلط جنابك أنا أساعد كل المحتاجين وباعمل حاجات حلوة في قبيلتي.
شاوا : (ساخرًا) بيعجبني فيك إنك كذاب مفضوح واثق من نفسه مع إني لسه مفهِّمك إن عندي مساعدين في كل حتة حتى ورا الجبل نشاطهم أكتر من اللي قدام الجبل.
طوكا : (بِتَحدِّي) أنا قلت اللي عندي عظمتك معنديش غيره.
شاوا : طب تاخد وقت تاني تفكر فيه؟ وبعدين نتقابل يمكن يكون عقلك اللي ضايع منك رجع بالسلامة من ورا الجبل وفكرت بيه يا طوكا، عمومًا خد الأكيل اللي جنبك وانصرفوا قبل ما اعمل حاجة اندم عليها.
كوكا : لمًا ترجع قبيلتك روح جوا الغابة هتلاقي عشش مليانة خير من كل نوع لما تخلص تعال، (صرخة مدوية) يلاااا ابعتوا لي زعيمكم موكااا
ظلام
المشهد (2)
الخلفية عشة الاجتماعات.
(يسير أمامها كلا من طوكا وكوكا في حالة رعب من أي صوت يسمعونه جوارهما ويزداد رعبهما بسماع صوت دجاج (مؤثرصوتي) جعلهما يجريان داخل عشة الاجتماعات)
طوكا : (غاضبًا مخاطبًا موكا) كده يا زعيم تغشنا وانت بتكلمنا عن الرب وتقول عنه إنه….
كوكا : (يندفع بغلق فم طوكا وينظر حوله وفوقه خائفًا) إنه رب كريم قَدَّم لنا أكل كتير، مشاوي وفواكه ويقولنا كلوا وانبسطوا يا زعما يا غاليين ولو عايزين أكل تاني موجود يا حبايبي.
(يعود للحديث طوكا بعدما فطن لذكاء كوكا)
طوكا : فاكر يا كوكا لمًا قعد يضحك معايا ويقولي قول كمان يا زعيم طوكا يا ابو دم خفيف، فاكر يا كوكا؟
كوكا : (مندهشًا) مين ده اللي قال لك يا ابو دم خفيف؟
طوكا : (يشير له بيده ويغمز بعينيه وفمه) الرب يا كوكا يا حبيبي.
كوكا : ( بتريقة) هو من ناحية دمك خفيف فعلًا دمك عسل جبلي.
طوكا : وفاكر لما قال لي عيلتك كلها عظيمة بتاريخها؟
كوكا : (حالة قرف وضيق) لأ مش فاكر دي، كنت باكل أو نايم.
(تَدخَّل الزعيم موكا بعد نفاذ صبره من طوكا)
موكا كبيرهم : كفاية بقي حضرة الزعيم طوكا وخلّينا نفهم من الزعيم كوكا عشان الصورة تكتمل و….
طوكا : (مقاطعًا) كوكا ما هو قال إما بياكل سعادته أو نايم وفي الحالتين مغيب.
كوكا :(منفعلًا) فعلًا بأمارة لمًا الرب مسح بيك الجبل وقالك أسخطك واخليك كلب من غير ديل.
الزعماء :(ضحك هيستيري وغضب مخنوق من طوكا)
عوكا :(يترنح جالسًا) من فضلكم أنا مش سكران أنا فوقت حالًا عَلِي صوت ضحككم حد يفهمني بتضحكوا على إيه؟ عشان اضحك مع ان طول عمركم مضحكة.
الزعيم :(بسخرية) خليك زيّ ما انت الرب هَيفوَّقك لمَّا تقابله مع سوكا عليكم الدور.
طوكا :(ضحكة شماتة) الدور على سعادتك يا كبير يعني عندك إعادة سامحني في الكلمة يا زعيم جَهِّز قفاك هاهاها.
(تدخل دجاجة” مربوطة بخيط غير مرئي” من فتحة بجانب العشة حسب تعليمات زوما للحارس، يظن طوكا أنها مساعد الرب على إثرها يصرخ طوكا ويستنجد بموكا الذي بدوره يستمر في مكانه خوفًا ويهرول طوك في كل مكان إلي أن تبتعد الدجاجة).
(يهدأ الجميع على التوالي).
الزعيم موكا : (حالة تجلي) أيها الزعماء الأشاوس يلَّا بينا نعتذر للرب على اللي عمله وقاله طوكا عشان ما ياخدناش بجهله وقلة أدبه وتطاوله على الرب الحنون اللي بيبعت لنا الخير من تحت الأرض وفوق الأرض:
إقبل يا رب وسامح غباوة الغبيين.
الجميع : (يردد خلف الزعيم عدا طوكا والمخمور عوكا)
الزعيم الكبير: إحنا هلافيت فينا الحمار وفينا الخرتيت وجنابك الكبير اوي واحنا المساخيط عظمتك ديك الحياة الملظلظ أوي واحنا الكتاكيت ان كنت رضيت عننا (صوت أعلي) إبعد عننا مساعدينك الفتافيت.
(في نفس اللحظة الحارس يلقي عليهم من كل جانب دجاجات لا تقل عن أربعة مربوطة بالخيوط ومعها تنطلق صرخات الجميع).
.. إطفاء كل أنوار خشبة المسرح..
المشهد (3)
المكان فوق الجبل حيث يقيم شاوا كما تم وصفه من قبل.
شاوا ينتظر وصول زعيم زعماء القبايل موكا وابنته حبيبة القلب زوما التي تأخرت عن الحضور بصحبة أبيها المتوقع ما جعل شاوا في قلق وأخذ يحدث نفسه ويزداد خوفه عليها ألي أن وصلت بمفردها.
زوما : (في توتر) سامحني شاوا الوضع صعب والأمر خطير تخيل الحارس الغبي وصيته يعمل حركات تخويف للزعماء في عشة الاجتماعات ويرعبهم شوية لما لسانهم يطول على بوووي او عَلِي الرب وشرحت له ازاي يعمل معاهم الحركات دي يعني يعملها بعد ما يسمع اللي قالوه وفعلًا وانا واقفة أراقبه عمل حركتين وكان كويس و..
شاوا : (متأففاً) إخلصي يا زوما أنا مَلِّيت واتخنقت من شرحك.
زوما : (منفعلة واقفة) طب انا ماشيه ابقي كمل انت المصيبة وقولها لنفسك وانت الرب اللي عارف كل حاجة.
شاوا : يا حبيبتي تعالي بس كَمِّلي ماتزعليش لإني خفت من كلمة مصيبة حسيت ان فيه حاجة صعبة أوي حصلت، يلَّا اقعدي وقولي المصيبة حتى لو اتخنقت وحصلت ليَّا مصيبة.
زوما : الحارس الغبي مشيت مع بوووي عشان نجهز الأكل وكان مبسوط مِنِّي أوي ويقول لما اطلع للرب المرة دي عايزُه يكون راضي عني ومبسوط مِنِّي وكفاية إنه خلَّاكي مساعد أول الرب و…
شاوا : (يصرخ في الفضا) إرحميني يا زوما، كفاياكي رغي ادخلي في المفيد فين المصيبة هنا (يدفعها بيده) يلا امشي مش عايز اسمع حاجة منك تاني أنا هشوف مساعد غيرك يكون حلو وبيفهم وما يعرفش الرغي.
زوما 🙁 تضربه بدلع في صدره) زوما مفيش حب ليك شاوا.
شاوا : (دهشة مصطنعة) يعني بعد الهبل ده كله مفيش حب؟
(نظرة حنان منه أدركت معناها زوما).
زوما : (تتلعثم) الخلاصة حبيبي، الحارس الغبي إتغاظ من الزعماء وهما بيشتموا بووي قعد يصرخ ووَقَّع عليهم العشة من كل الجناب ماتوا كلهم تحت رجليه.
شاوا :(في ذهول) مين اللي ماتوا كلهم؟
زوما :الزعماء حبيبي.
شاوا :(يمسكها ويهزها) مين اللي ماتوا كلهم؟
زوما :هَدِّي نفسك يا روحي زعماء القبائل كلهم ماتوا عدا زعيمهم بووي طال عمره.
شاوا : (متأثرا) اندفنوا في الغابة طبعًا.
زوما :بووي دفنهم مكانهم تحت عشة الاجتماعات، ده سبب تأخيره في مقابلتك.
(سماع حركة أمام مخبأ شاوا فهموا أنها للزعيم زعماء القبائل الراحلين مما دعا زوما للخروج من مخبأ شاوا للقاء أبيها).
زوما : (بتأثر) كيفك بوووي؟
الزعيم موكا:(يمسح على كتفها) أنا بخير يا روح قلب بووكي وحياته (ينظر في عينيها) عايزك تساعديني يا بتي عشان الرب يرضى عني، وانتي المساعد أول بتاعه هيعمل لك خاطر، وانتي عارفة المرة اللي فاتت زعل ومع ذلك ما أذانيش زي الزعماء اللي مَوِّتهم جَنابُه دفعة واحدة، أهو ارتاح وريحني من غباوتهم ولعلمك ….
(صوت غليظ من شاوا خلف الساتر الصخري)
شاوا : إيه يا موكا شاغل مساعد أول في كلامك الفارغ ومتأخر عليَّا كمان، (بسخرية) ما كنت تروح تلعب شوية في الغابة وتصطاد شوية أرانب وبعدين جنابك تفكر تقابلني
موكا : (يتلعثم) سعادتك عارف تفاصيل اللي حصل لزعماء القبايل.
شاوا : طبعًا يا تخلف مش انا الرب، بَعتِّلهُم الأول مساعدين فراخ عشان يتلموا ماتلموش، بعدها نزلت بنفسي وخلصت الليلة خبطة واحدة كلمة ونص مش أربع كلمات.
موكا : (يداهن) بصراحة سعادتك صبرت عليهم كتير وهما أصلًا زبالة.
شاوا : (في حزم) كويس انك فاهم، قول وخلصني في الموضوعين اللي رفضتهم المرة اللي فاتت، بتوع قطع اللسان بعد أربع كلمات وموضوع جواز بنتك من الواد الغبي اللي بتحبه وهو بيموت فيها، تختصر في كلامك ما تبقاش رغاي زي المساعد بتاعي، ولازم تراعي إن عندي الضغط ولسه ما خدتش العلاج (صرخة) يلَّاااا قول وخلصني.
الزعيم موكا:(يرتعد) هاقول جنابك وبسرعة ألغي القانون واللي يتكلم يتفلق، أما جواز زوما من الواد الغبي ليا شروط
(شاوا يلقي عليه ثلاثة حصوات متتالية)
شاوا : قلت شروط؟ على إيه يا مكموكتي، ده ممكن يكون عايز يتجوزها يرحمك منها ومن هبلها، وهي يعني السنيورة فلقة قمر؟
(زوما في الظلام ترجم شاوا بحجر كبير)
شاوا : (يتألم) ماشي يا اهبل، فعلًا مش فلقة قمر لأنها القمر كله.
موكا : (بفخر) طبعًا لأنها شبهي جلالة الرب البديع، كلك ذوق يا عمنا الرب اللذيذ.
شاوا :(بصرامة) إتلم شوية وما تنساش إنك في حضرة الرب يا خايب مش في الجبلاية، يلَّا قول الشروط بسرعة واوعي تبالغ وإلا أبعت لك مساعد يعلقك في أعلي نخلة من ودانك
(صرخة للترهيب)
موكا : أول حاجة يعاملها بحنان ويعتبرها كل حياته ويتحملها بصبر الصابرين، والحب يبقى بينهم طول العمر، ولا يبص أبدًا لزعامة القبيلة بل يساعدها ضد الغجر من القبايل والسفاحين اللي ورا الجبل، لو يقدر يعمل كده أنا موافق، بس جناب حضرتك اللي تتعهد ب كده أنا بصراحة مش واثق فيه الغبي ده.
(شاوا يرجمه بحجر)
شاوا : (في فرحٍ في نفس الوقت؛ زوما تكاد تطير في (الخفاء) شوف يا مكموكتي يا حبيبي شروطك مقبولة كلها وأوعدك أن أزرع الغابة كلها حب عشان خاطرك والحبيبين زوما وحبيبها الغبي، ويلَّا انصرف من هنا عشان الضغط نزل أوي وسيب المساعد أول زوما عشان احتفال الرب بالرضا عنك (يصرخ) يلَّااااااا.
(ينصرف موكا هابطًا لأسفل وسرعان ما يسمعان صوت سقوط قوي تهرع زوما تستطلع ثم تصرخ صرخة مدوية تهز المسرح)
موكا : شاواااا شاواااا بوووي مات يا شاوا.. بوووي حبيبي مات يا شاوا بكاء حار ونحيب.
إظــلام
المشهد الأخير
شاشة عملاقة وسط المسرح يعرض عليها لقطات لجمهور من فيلم قديم يتابع حدث هام، الجمهور من قبائل بدائية يرتدون ملابس مصنوعة من خامات الطبيعة كجلود الحيوانات وأوراق الشجر ومنتجات النخيل، الجمهور يصرخ عند ظهور زوما على خشبة المسرح مرتدية فراء النمر في الأعلى والأسفل جلد جاموس إذا أمكن أو البديل، أما شاوا يرتدي ملابس أقل قيمة يتبعها نحو منصة التتويج (صخرة حجم كبير)، عند وصولها يتقدمها خطوات ثم ينحني لها عند الجلوس ويتحرك ليجلس فوق صخرة أقل ارتفاعا وحجمًا؛
(تتحرك زوما وتقوم بإحضار صخرة أكبر في نفس حجم الصخرة التي تجلس عليها وتدفعه بقوة نحو الجلوس عليها وسط صيحات الجماهير على شاشة العرض).
يضع شاوا فوق رأس زوما تاجًا كبيرًا من الزهور ثم يُقبِّل يديها (الصيحات والزغاريد مستمرة)
شاوا : أعاهدك يا مليكتي أن أكون أحد رعاياكم المخلصين حارسا أمينًا مدافعًا عن أرض القبيلة وخيراتها، ولا أسمح بتدنيس أرضها بأقدام مَن هم وراء الجبل بنا متربصين، كما أعاهدك أن أكون الزوج الحنون الوفي والأب السند والعون والأخ والصديق الصدوق، ويشهد عليَّ جميع القبائل والغابات من حولنا وسكانها أن اكون كذلك ما دمت حيًا.
(ينظر إلى زوما ويتبادلان رسم علامة الحب بأصابعهما، ثم ينظران معًا ناحية الجماهير ويصنعان لها علامة الحب أيضًا)
إظــلام
(تمت بحمد الله ومنة منه سبحانه)
المؤلف / حسن خلف حسين
**********************
جدير بالذكر، أن مسرحية قبائل كاكاهونا صدرت مع مطلع العام الجاري 2022، وهي استكمال لمسيرة إبداعية تضمنت العديد من الأعمال المميزة للمبدع البورسعيدي حسن خلف حسين.
وتنفرد منصة بلاحدود بنشر النص الكامل لمسرحية قبائل كاكاهونا في حلقات مسلسلة.
يذكر، أن المبدع حسن خلف قد أهدى النسخة المطبوعة من مسرحية قبائل كاكاهونا، إلى روح صديقه الغالي الأستاذ محمد بندق، ووهي صادرة عن دار الوهيبي للنشر والتوزيع، ومن المقرر أن يتم تحويلها لعمل مسرحي في القريب.