الفصل الثاني كاملًا.. مسرحية قبائل كاكاهونا للمبدع حسن خلف حسين
الفصل الثاني
المشهد (1)
الخلفية سطح جبل غير منتظم فيه منحدر للصعود للأعلى والهبوط منه نحو الأسفل، في القمة منطقة شبه مسطحة هي المنطقة المستخدمة في العمل وهي مقسمة لجزئين إحداهما كوخ يغلفه سياج من الحجارة غير المنتظمة وبه شعلة نار.
(تقترب زوما من منطقة الصعود وخلفها أبيها زعيم القبائل)
زوما : (بجدية) خليك هنا بوووي أطلع أشوف الرب ليكون عريان أَنبِّهُه وابلَّغُه إنك جاي تقابل عظمته، بس وانت طالع يا بووي خلي بالك على نفسك (تثير فيه الرعب) على يمينك فيه كهف نايم جواه فهد شرس وبعديه جُحر تعابين ممكن تبلع جاموسة بحالها، الرب معاك يا بووي.
(استمرت زوما في الصعود مع أصوات عواء ذئاب مختلط بفحيح ثعابين)
زوما: (تنادي بصدي صوت) بوووي إطلع يا زعيم.
زعيم القبائل : (في رعب) خليكي واقفة وعينك عليَّ لغاية ما نتقابل إن كان فيه عُمر واللُّقا نصيب.
زوما : (بتهكم) ماتخافش يا بووي هتعيش لغاية ما تجوزني وتفرح بأولادي.
الزعيم : (لاهثًا) يا تري مين يعيش يا زوما يا حبيبة قلبي.
(مع وصول الزعيم بدأت زوما تُحرِّكه بيديها حتى لا يرى ما خلفه من معالم؛ حرصًا منها على عدم رؤيته الحبيب شاوا المؤدي لدور الرب المزعوم):
شاوا : (بصوت فيه فخامه وغلظة) إنت موكا؟
الزعيم : (يزهو) تقصد الزعيم الأوحد موكا
شاوا : (يلقي عليه بعض الحصى تصيبه) الزعيم دي تحت مش هنا يا تافه يا واضع قوانين، هنا لا يعلو صوت فوق صوت الرب، إياك أن تتباهى مرة تانية وإلا نزلت عليك لعنتي وحَلّ بك سخطي وجعلت منك أنثي من إناث الأسد ينال منها الجميع حتى حمير الغابة.
(صرخة مدوية اهتز معها صمت الليل المخيف)
الزعيم : (مرتجفًا يمسك بـ زوما ويتلعثم) لك ما أمرت جناب الرب الفظيع.
شاوا : باختصار يا موكا ما سر اجتماع زعماء قبائل الهبل عندك؟
الزعيم : باختصار سيدي جايين يتسنكحوا عليَّا يِطلعوا مِنِّي بحاجة وإلا ينفِّذوا تهديدهم بعمل مصالحة مع القبائل اللي ورا الجبل اللي قبل كده سرقونا وحرقوا عشش أهالينا وياما عملوا فينا.
شاوا : (بسعادة) أول مرة أعرف إنك بتفهم يا موكا.
الزعيم : الحقيقة عظمتك الفضل لـ بنتي زوما هي اللي كانت بتفهِّمني كل حاجة، دي مش بنتي (ينظر لـ زوما بحنان ونعومة) دي موووي واختي وكل دنيتي و…..
شاوا : (مقاطعا بانفعال) احترم نفسك يا راجل وبلاش سهوكة ومُحن خلاص فهمنا انها سندك وبتحبها، بالمناسبة إنت من وقت ما جيت هنا اتكلمت معايا كام كلمة؟
الزعيم موكا : كتير أكتر من مِيت كلمة جناب الرب بس ليه؟!
شاوا : (ساخرًا) يعني تتكلم مع الرب الكبير براحتك وما يعملكش حاجة ولو حد كلمك انت يا تافه أكتر من تلات كلمات تقطع له لسانه؟! عشان تعرف إنك متخلف وغبي.
الزعيم موكا : كفاية بقى إهانات أنا زعيم برضه وليَّا هيبتي.
شاوا : عندك حق يا موكا ماتزعلش من عشمي فيك، وانا عارف إن قلبك طيب وهاتغيَّر القانون الوحشي ده وتوقف قطع اللسان.
الزعيم : (مستغلًا لين الرب) طب أنا ليَّا طلب واحد عند جلالتك وعظمة عظمتك.
شاوا : قول يا موكا بس باختصار.
موكا : أول حاجة تبعت لنا خير كتير قوي للقبيلة وما تنساش إن ليك نصيب منه، وأول حاجة تخلِّي العيِّل الصايع يبعد عن زوما بنتي حبيبتي.
زوما : (صرخة) بوووي
شاوا : (يلقي ثلات حصوات على موكا متتاليات ويصرخ) إنت قلت طلب واحد يا غبي، كمان عايِرتني بالأكل اللي باعتهولي وبعدين تستهبل في المرتين وتقول أول حاجة، ونسيت إنك قدام رب صاحيلك، يلَّا امشي يا غبي واستلقَّى وعدك مني يا ناصح جاي تضحك على عظمتي يا واطي، مش هاسخطك دلوقتي عشان تعبان والسخط عايز وقت ومزاج يلَّا غور من هنا وابعتلي اتنين من المجتمعين العشرة، قول لهم ربكم عايزكم الليلة قبل الشمس، أما انتي يا زوما أنا اخترتك مساعد رب أول لشئون القبائل، قبل ما انسى اللي هاتبعتهم كوكا وطوكا (صرخة مدوية) يلَّااااااااا.
(هرولت زوما بصحبة أبيها عَدوًا للأسفل)
المشهد (2)
المكان داخل العشة الكبيرة المخصصة للرسميات والمُجتمِع فيها زعماء القبائل.
يدخل الزعيم موكا يلهث طالبًا من ابنته زوما مصاحبته في هذا اللقاء:
الزعيم موكا: (صارخًا) إصحوا يا زُعَمَا الأمر صعب وانتم نايمين جوه ودانكم، مافيش وراكم غير الأكل وحاجات تانية زي الحيوانات بالظبط مع إن الحل بسيط في إيدينا زيّ ما عملت، إننا نقرَّب من الرب ونروح له نتعرف عليه ونطلب منه اللي عايزينه من غير كسوف زيّ ما انا عملت ولسه جاي من عنده و..
الحضور : (صيحات وهمهمات)
الزعيم موكا: (صوت عالي حاد) أرجوكم اسمعوني والأسئلة كلها في نهاية الخطبة بتاعتي هي دي مشكلتنا مابنحبش نسمع حد يا سادة صدقوني باقولكم لسه جاي من عنده وكانت معايا بنتي زوما وقضينا معاه وقت لطيف وكان قد إيه ظريف ودمه خفيف وقعد يهزر معايا وكان فرحان بِيَّا أوي وقال لي يا ريتك كنت جيتلي من زمان، إنت لازم تيجي تقعد معايا كل يوم شوية عشان تِخفِّف عَنِّي هَمّ الشيلة التقيلة بتاعِت الناس وسألني عايز حاجة مِنِّي لاقاني مكسوف قال لي خلاص احنا بقينا صحاب جلالتك يا زعيم القبائل الجَسور و….
زوما: (تصرخ متبرمة) بو بو بو
الزعيم موكا: (ينظر ل زوما متوسلًا) في النهاية طلبت منه طلب واحد بس إن يبعتلي الخير ويزيدني منه، زعل قوي وعاتبني وقال كده برضه يا صاحبي من غير ما تقول حضرة حضرتك إنت تؤمر وانا هنا في المنطقة دي عشانك يا موك موك هيأ هيء هيأ أصل ده إسم الدلع بتاع موووي ما هو الرب بيعرف كل حاجة، أرجع وأقول من حسن الطالع بيننا إتنين اختارهم الرب يقابلهم مع إني كنت أتمنى يقابلكم كلكم لكن وجهة نظره إنكم غجر بتحبوا الهيصة وبتكرهوا النظام فَفضَّل جلالته يقابلكم اتنين اتنين يمكن يفهم منكم ويحقق لكم طلباتكم، هيتم الإعلان عن الاتنين بعد انتهاء القعدة مع بعض واللي قال عن قعداتنا دي قعدات ملهاش لازمة واعذروني كمان إنه قال عظمته إنكم كمان مالكوش أي لازمة، ساعتها صرخت فيه وقلت عيب عليك يا رب دول زي العسل، وأحب إني أزف لكم بشري عظيمة إن الرب اختار بنتي وحبيبة قلبي زوما بنت موكا مساعد رب أول من غير ما يشوفها وهذا دليل على معرفته الجامدة بزعامتي وشرف عيلتي الفظيع.
(تصفيق حار جدًا وصيحات مع أغنية تلقائية جماعية بالتصفيق زوما.. حبيبة الرب.. زوما انتي الحب.. يا زوما يا زوما يا زوما هيييييه مع خجل زوما)
الزعيم: أدعوكم لاستراحة للأكل وبعدين نِكمِّل، يلَّا تعالي يا زوما يا سعادة مساعد الرب الجميل.
(ينصرف زعيم زعماء القبائل مع ابنته زوما ينفرد بها أمام عشة الاجتماعات)
زعيم القبائل: مالك زوما حسيت إنك مش مبسوطة وقت الخطبة، هو انا قلت حاجة غلط او انفعلت زيادة أو ممكن أكون هَجَّصت؟ يا زوما يا حبيبتي أنا عارف طبيعة البهايم إللي قاعدين قدامي عشان كده. باتعامل معاهم بالطريقة اللي تناسبهم وطبيعة مكانتي عندهم، غير كده ياكلوني ماتلاقوش مني حتة عضم موجودة، وهي دي المعاملة بين القبايل.
زوما: بوووي انا بحبك وشايفاك بعيوني راجل جميل مش راجل مِهياص مش قرد، أنا شوفتك قرد وانت بتخطب وده زَعَّلني عليك مش منك، ده حتى وانت بتتكلم عن الرب كنت غريب أوي وي وي وي دا الرب لو سمع كلامك عنه يعلقك في الجبل ويخلي الصقور كل ما تجوع تنزل تاكل لحمك كخخخخخ كووووخ.
موكا الزعيم: أدخل أنا الاجتماع وروحي جهزي نفسك تقولي خطبة بصفتك مساعد أول الرب تقوليلهم بعض نصايح في التعامل معك ومع الرب بعد منصبك الجديد.
(انحناءة خفيفة منه أمام زوما ثم انصرف ما جعلها تقبل رأسه في حزن وتغلب دموعها وتربت على كتفه بحنان، ينصرف للداخل وهي تقترب من الحارس)
زوما: عملت اللي قلت لك عليه؟
الحارس: ( يهز رأسه بالإيجاب)
زوما: خذ راحتك قول اللي عندك ومفيش العقاب عَلى اللي يزيد من ٣ كلمات.
الحارس: (مطمئنًا) يا لهوي عَلى اللي اتقال عظمتك يا مساعد أول الرب الجميل.
زوما: قول كل التفاصيل من غير بغبغة وانا هاحلل وياللا عشان ورايا مهمة في الاجتماع.
(الحارس يهمس في أذن زوما بما لديه من أخبار التصنت على الزعماء بينما هي فاتحة فمها مندهشة مرة تلطم عَلى خَدَّها ومرة تصرخ في صمت).
(موقع أغنية مع رقصة تعبيرية حسب رؤية المخرج)
في الوش مرايا .. وانا في عمايا
ضيوفنا بياكلونا .. اطفحوا وسيبونا
…
…
(ظهور زوما بملابس مختلفة مع شعر مبعثر ومشية مختلفة تتوافق ومنصبها الجديد من وجهة نظرها لتبدو ملفتة للنظر ومثيرة للدهشة والضحك من خلال اكسسوارات من الطبيعة حولها، تدخل عشة الاجتماعات وتلوح لزعماء القبائل بيديها حتى تصل المنصة جوار ابيها الذي اعد لها صخرة تجلس عليها أعلى من صخرته، بدورها ذهبت إليه وأخذت بيديه وقبلتها وأجلسته مكانها وسط تصفيق حار من الزعماء ودموع أبيها)
زوما: (وقار واتزان هادئ وبدأت الخطبة) بوووي جلالة زعيم زعماء القبائل يا من علمتني السير فرحا فوق أشواك إبر الحياة، أتيت بمن يعلمني حروف ونبض الكلمات، ظللت تراقبني بعيون قلبك الساهرة حتى نضج الجسد والفكر عندي، أنام وعيونك ما نامت حتى الآن، ألتمس لك كل العذر لما تفعل بي ولن يتحول قلبي فأنت الحبيب، ثق يا بوووي أنني لن أفك ضفائري إلا برضاك.
(الحضور جميعهم في حالة توهان لا يفهم أحد منهم ما قالت زوما عدا ابيها موكا الذي ذهب إليها باكيا حاضنا لها وسط تصفيق الحضور والجهل يغطي الوجوه)
الزعيم موكا: ( متعمدًا التدخل محاولًا الثبات) دلوقتي يا زعماء أعلن لكم عن رغبة الرب وأوامره في مقابلة الزعيمين كوكا وطوكا وتسبقهم مساعد أول الرب فوق الجبل واتمني ما ينسونا عند الرب بكل ما هو حلو وطيب، استراحة للأكل اللذيذ.
(ظــلام)
تابعوا المزيد
**********************
جدير بالذكر، أن مسرحية قبائل كاكاهونا صدرت مع مطلع العام الجاري 2022، وهي استكمال لمسيرة إبداعية تضمنت العديد من الأعمال المميزة للمبدع البورسعيدي حسن خلف حسين.
وتنفرد منصة بلاحدود بنشر النص الكامل لمسرحية قبائل كاكاهونا في حلقات مسلسلة.
يذكر، أن المبدع حسن خلف قد أهدى النسخة المطبوعة من مسرحية قبائل كاكاهونا، إلى روح صديقه الغالي الأستاذ محمد بندق، ووهي صادرة عن دار الوهيبي للنشر والتوزيع، ومن المقرر أن يتم تحويلها لعمل مسرحي في القريب.