كنوز مصر المنهوبة.. مليون قطعة أثرية معروضة بمتاحف عالمية
جهود مكثفة تبذلها الدولة المصرية لاستعادة واسترداد كنوزها الأثرية الفريدة والنادرة التى تم نهبها منذ عشرات السنين بعد استخراجها من باطن الأرض بالتنقيب عليها ثم تهريبها إلى الخارج بطرق غير مشروعة.
مليون قطعة أثرية مصرية نادرة خرجت من مصر بطرق متعددة وحاليا يتم عرضها فى أكبر المتاحف العالمية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من القطع التى تم نهبها وتهريبها من مصر خلسة.
أنواع القطع الأثرية المهربة للخارج
خبراء الآثار المصريون قسموا الآثار المهربة إلى الخارج إلى ثلاثة أنواع هى الآثار التى حصلت عليها البعثات الأجنبية العاملة فى مجال التنقيب على الآثار قبل عام 1983 – قبل صدور قانون حماية الآثار – حيث كان يحق للبعثات الأجنبية الحصول على نسبة من الآثار المكتشفة وكذا الآثار المهداة إلى بعض الأجانب، وجميعها لا يمكن استردادها نظرا لخروجها بشكل شرعى قبل صدور القانون.
أما النوع الثاني، فهى القطع الأثرية التى تم التنقيب عليها من لصوص وعصابات الآثار وتهريبها إلى الخارج خلسة، وهى آثار لا يمكن استعادتها نظرا لعدم تسجيلها، أما النوع الثالث من الآثار فهى التى اكشفتها البعثات الأثرية المختلفة والتى تم تسجيلها بالفعل فى المجلس الأعلى للآثار ولكن تمت سرقتها وتهريبها إلى الخارج، وهى القطع التى يمكن استرجاعها.
عقوبة التنقيب والاتجار فى الآثار
ويعد عام 1983 هو نقطة تحول فى حماية الآثار المصرية من السرقة والنهب، حيث صدر القانون رقم 117 لسنة 1983 الخاص بحماية الآثار المصرية، والذى أوقف عملية إهداء الآثار المصرية إلى البعثات الأجنبية، فضلا عن تشكيل لجان لتسجيل الآثار المكتشفة أو التى عثر عليها بالصدفة.
وكان الدولة فى هذه الفترة شغلها الشاغل هو وقف تهريب الاثار ووقف عمليات التنقيب فى المحافظات عن الاثار، وفى عام 2002 انتبهت مصر إلى ضرورة إعادة الاثار المهربة واستردادها حيث تم إنشاء إدارة للأثار المستردة 2002 والتي تتلقى الإدارة بيانات بالقطع المفقودة من المواقع الأثرية والمتاحف والمخازن الفرعية والمتحفية لعمل قاعدة بيانات بالقطع المسروقة، كما تقوم بتتبع مواقع البيع الإلكترونى وصالات المزادات التى تقوم بعرض القطع الأثرية المصرية للبيع قبل الموعد الفعلى لإقامة المزاد ومقارنتها بالقطع المفقودة من وزارة الآثار.
وعرف قانون حماية الاثار المعدل عامي 2010 و2018 الأثر بأنه يعد أثرًا كل عقار أو منقول متى توافرت فيه الشروط الآتية وهى أن يكون نتاجًا للحضارة المصرية أو الحضارات المتعاقبة أو نتاجا للفنون أو العلوم أو الآداب أو الأديان التى قامت على أرض مصر منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى ما قبل مائة عام، وأن يكون ذا قيمة أثرية أو فنية أو أهمية تاريخية باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارة المصرية أو غيرها من الحضارات الأخرى التى قامت على أرض مصر، وأن يكون الأثر قد أنتج أو نشأ على أرض مصر أو له صلة تاريخية بهان بالاضافة الى الهياكل البشرية التى يرجع تاريخها للعصور المصرية.
واعتبر القانون جميع الآثار من الأموال العامة المحظور الاتجار فيها نهائيا وتضمن العقوبات الموقعة على مرتكبى جرائم الاتجار فى الاثار حيث نصت المادة 42 من القانون على أن يعاقب بالسجن المشدد لكل من قام بالحفر خلسة أو بإخفاء الأثر أو جزء منه بقصد التهريب، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح المجلس.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه لكل من قام بأي من أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل.
ونصت المادة 42 مكررا من القانون على أن تكون العقوبة السجن لمدة لا تجاوز سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه لكل من أخفى الأثر أو جزءا منه إذا كان متحصلا من أي جريمة.
ومن أجل ترسيخ مقولة أن مصر لا تتهاون فى استعادة حقها فقد نص القانون على أنه لا يسقط الحق فى إقامة دعوى استرداد الآثار المهربة للخارج بالتقادم.
شروط الدول الأجنبية لرد الآثار المصرية
وتواجه مصر صعوبة فى استرداد حقها فى الآثار المهربة، حيث تشترط الدول المهرب اليها القطع الاثرية المصرية، ضرورة تقديم ما يثبت أن القطع مسجلة فى هيئة الآثار المصرية وتم تهريبها إلى الخارج بطريقة غير مشروعة، رغم أن معظم القطع يتم التنقيب عليها واستخراجها من الأرض دون تسجيلها.
وتمكنت مصر خلال الفترة من 2002 وحتى 2021 من استرداد 35 ألف قطعة أثرية معظمها تم سرقتها وتهريبها بعد تسجيلها، من بينها 6 آلاف قطة تم استردادها فى الفترة من 2002 وحتى 2011، وتم استرداد 29 ألف قطعة أثرية، و21 ألف عملة معدنية خلال 2014 وحتى 2021 منها 7 آلاف قطعة أثرية مميزة.
أشهر عمليات استرداد الآثار
وتمكنت مصر خلال الأشهر الماضية من استرداد 114 قطعة أثرية مصرية من فرنسا ، وبناء على تحقيقات النيابة العامة المصرية بالتعاون مع السلطات القضائية الفرنسية تم استرداد تلك القطع بعد وقف كافة إجراءات عرضها للبيع أو التعامل عليها ومن بينها تماثيل للملك أمنحتب الثالث والملكة حتشبسوت وللإله حورس وتمثال “البا” وأواني وقطع من الفخار وعقود.
كما تسلم السفير طارق عادل سفير مصر في لندن، خلال الشهر الماضى ثلاث قطع أثرية من العصر الفرعوني واليوناني نتيجة الحفر خلسة وتهريبها من مصر بطريقة غير شرعية، وذلك قبل بيعها في أحد دور العرض الشهيرة في لندن.
وداخل مصر تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط تشكيل عصابى للتنقيب والاتجار فى الاثار يتزعمه البرلمانى الأسبق علاء حسانين وآخرين بتمويل من رجل الأعمال حسن راتب حيث كشفت التحقيقات قيامهم بالتنقيب على الاثار ثم تهريبها الى الخارج.
أشهر طرق وأساليب تهريب الآثار
ويتفنن لصوص الآثار فى طرق واساليب تهريب الآثار المصرية إلى الخارج سواء عبر المطارات أو الموانى البحرية أو الطرق البرية ، حيث من أغرب طرق التهريب التى تم الكشف عنها التهريب عبر الحقائب الدبلوماسية، حيث يلجأ تجار الاثار الى بعض الدبلوماسيين لبعض الدول لتهريب الاثار، حيث تمكنت السلطات الإيطالية من ضبط آثار مهربة فى حاوية دبلوماسية تابعة لشخص إيطالي وبمشاركة مكرم بطرس غالى شقيق وزير المالية الاسبق يوسف بطرس غالى وآخرين.
ايضا من بين أغرب طرق تهريب الاثار التهرب فى شحنات الآثاث حيث تمكنت السلطات الكويتية من ضبط تابوت أثرى داخل “كنبة”، وكذا التهريب داخل حقائب الملابس، وهى إحدى الطرق الشهيرة فى التهريب، حيث تم تهريب آثار مصرية داخل حقيبة ملابس وعُثر على قطع آثار مصرية تعود لـ 1500 قبل الميلاد فى حقيبة سفر عام 1980، وتم بيعها فى المزاد.
كما تمكنت جمارك ميناء دمياط من ضبط أكبر حاوية تضم آثار فرعونية ورومانية ويونانية قبل تهريبها إلى تايلاند، داخل حاوية للنرجيلة “الشيش”، كما تم ضبط مجموعة اثرية داخل شحنات الاستيراد والتصدير ومنها شحنات أدوات صحية شحنات فحم ومواد غذائية ومنها داخل برطمانات العسل.