أهم 22 سؤالا تلقتها دار الافتاء المصرية عن الأضحية وعيد الأضحى المبارك
شعيرة الأضحية، هى سنة مؤكدة فعلها النبى -صلى الله عليه وسلم- دار الافتاء المصرية تلقت عشرات الأسئلة حول أحكام الأضحية، وقد جمعت منهم أبرز 22 سؤالا هى الأكثر ما يدور فى أذهان المضحين، وقد جمعتها على النحو التالى:
السؤال الأول: ما الأضحية فى اللغة والشرع؟
تطلق الأضحية فى اللغة على ما يلي:
الأضحية فى لغة العرب: فيها أربع لغات على ما ذكر الإمام اللغوى الأصمعي: إضْحِيَّةٌ، وأُضْحِيَّةٌ والجمع أضاحى، وضَحِيَّةٌ على فعيلة والجمع ضحايا، وأضْحَاةٌ والجمع أضحًى كما يقال: أرطاةٌ وأرْطًى.
وبالأضحية سمى يوم الأضحى؛ أى اليوم الذى يضحى فيه الناس.
وقد عرفها اللغويون بتعريفَين؛ أحدهما: الشاة التى تذبح ضحوة، أي: وقت ارتفاع النهار والوقت الذى يليه.
وثانيهما: الشاة التى تذبح يوم الأضحى، وهذا المعنى ذكره صاحب “اللسان” أيضًا.
تعريف الأضحية عند الفقهاء: الأضحية هى ما يذبح من النعم تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق بشرائط مخصوصة.
وعليه فليس من الأضحية ما يذكى لغير التقرب إلى الله تعالى، أو جزاء التمتع أو القران فى النسك، أو جزاء ترك واجب أو فعل محظور فى النسك، أو يذكى بنية الهدى.
السؤال الثاني: ما الدليل على مشروعية الأضحية؟
الأضحية مشروعة بالكتاب والسنة القولية والفعلية، وانعقد الإجماع على ذلك.
أما الكتاب: فقال تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، قال القرطبي: [قال قتادة وعطاء وعكرمة: فَصَلِّ لِرَبِّكَ صَلَاةَ الْعِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَانْحَرْ نُسُكَكَ. وقال أنس: كَانَ النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْحَرُ ثُمَّ يُصَلِّى، فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّى ثُمَّ يَنْحَرَ] اهـ.
وأما السنة: فهناك عدة أحاديث تروى لنا فعله صلى الله عليه وآله وسلم لها، وأخرى تحكى قوله فى بيان فضلها والترغيب فيها، فأما السنة النبوية الفعلية، فقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يضحى وكان يتولى ذبح أضحيته بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم فمن ذلك: عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال: “ضَحَّى النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا” متفق عليه.
وعن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِى سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِى سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِى سَوَادٍ، فَأُتِى بِهِ لِيُضَحِّى بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّى الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ» ثُمَّ ضَحَّى بِهِ. رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال: “أقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي” رواه أحمد والترمذى وقال: هذا حديث حسن.
وأما السنة النبوية القولية: فقد وردت أحاديث كثيرة فى الأضحية؛ منها:
عن البراء رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِى يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّى، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِى شَيْءٍ» رواه البخارى ومسلم.
وعن جندب بن سفيان رضى الله عنه قال: شهدتُ الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يعدُ أن صَلَّى وفرغ من صلاته سَلَّمَ، فإذا هو يرى لحم أضاحِى قد ذُبحت قبل أن يفرغ من صلاته، فقال: «مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّى -أَوْ نُصَلِّيَ-، فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللهِ» رواه البخارى ومسلم واللفظ له.
وقد أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية.
السؤال الثالث: متى شرعت الأضحية على الأمة المحمدية؟
شرعت التضحية فى السنة الثانية من الهجرة النبوية، وهى السنة التى شرعت فيها صلاة العيدين وزكاة المال.
السؤال الرابع: ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟
الأضحية شرعت لحِكَم كثيرة منها:
أولًا: شكرًا لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة، فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى كنعمة البقاء من عام لعام، ونعمة الإيمان ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالًا لأمر الله سبحانه وتعالى، حيث قال جلَّ جلاله: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2].
ثانيًا: إحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام فى يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كانا سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما فى الصبر على طاعة الله وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها.
ثالثًا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنة منذ عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى، فقد ثبت فى الحديث عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ»، فقال رجل: هذا يوم يشتهى فيه اللحم وذكر هَنَةً من جيرانه فكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عذره، وقال: عندى جذعة خير من شاتين، فرخص له النبى صلى الله عليه وآله وسلم. الحديث رواه البخارى ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر: قوله: [وذكر فيه هَنَةً -بفتح الهاء والنون الخفيفة بعدها هاء تأنيث-، أي: حاجة من جيرانه للَّحم] اهـ. “فتح الباري” (12/ 116).
السؤال الخامس: ما حكم الأضحية؟
اختلف الفقهاء فى حكم الأضحية على قولين:
القول الأول: وهو المختار للفتوى: أنها سنةٌ مؤكدةٌ فى حق الموسر، وهذا قول جمهور الفقهاء، ومنهم الشافعية والحنابلة، وهو أرجح القولين عند الإمام مالك وإحدى روايتين عن القاضى أبى يوسف، وهو كذلك قول أبى بكر وعمر وبلال وأبى مسعود البدرى وسويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود وإسحاق وأبى ثور وابن المنذر، وهو المفتى به فى الديار المصرية، وبه أخذت دار الإفتاء المصرية.
واستدل الجمهور على السنية بأدلة، منها: قوله عليه الصلاة والسلام: «إذَا دَخَلَت الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّى فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» رواه مسلم فى “صحيحه”، ووجه الدلالة فى هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ» فجعله مفوضًا إلى إرادته، ولو كانت التضحية واجبة لاقتصر على قوله: «فلا يمس من شعره شيئًا حتى يضحي».
ومن الأدلة أيضًا أن الشيخين أبا بكر وعمر رضى الله عنهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يُرى ذلك واجبًا. رواه البيهقى. وهذا الصنيع منهما يدل على أنهما علما من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عدم الوجوب، ولم يُروَ عن أحد من الصحابة خلاف ذلك.
القول الثاني: أنها واجبة، وذهب إلى ذلك الإمام أبو حنيفة، وهذا المذهب هو المروى عن صاحبيه الإمام محمد بن الحسن والإمام زفر وإحدى الروايتين عن القاضى أبى يوسف، وبه قال من أئمة الفقهاء: ربيعة، والليث بن سعد، والأوزاعى، والثورى، ومالك فى أحد قوليه.
واستدل الحنفية على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، فقد قيل فى تفسيره: صلِّ صلاة العيد وانحر البدن، ومطلق الأمر للوجوب، ومتى وجب على النبى صلى الله عليه وآله وسلم وجب على الأمة لأنه قدوتها.
واستدلوا أيضًا بقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» أخرجه ابن ماجه، وهذا كالوعيد على ترك التضحية، والوعيد إنما يكون على ترك الواجب.
واستدلوا كذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللهِ» رواه مسلم فى “صحيحه”، فإنه أمر بذبح الأضحية وبإعادتها إذا ذكيت قبل الصلاة، وذلك دليل الوجوب.
ثم إن الحنفية القائلين بالوجوب يقولون: إنها واجبة عينًا على كل من وجدت فيه شرائط الوجوب، فالأضحية الواحدة كالشاة وسبع البقرة وسبع البدنة إنما تجزئ عن شخص واحد.
السؤال السادس: ما شروط صحة الأضحية؟
للتضحية شرائط تشملها وتشمل كل الذبائح وشرائط تختص بها، وهى ثلاثة أنواع: نوع يرجع إلى الأضحية، ونوع يرجع إلى المضحى، ونوع يرجع إلى وقت التضحية.
النوع الأول: شروط الأضحية فى ذاتها:
الشرط الأول: وهو متفق عليه بين المذاهب، وهو أن تكون من الأنعام، وهى الإبل بأنواعها، والبقرة الأهلية، ومنها الجواميس، والغنم ضأنًا كانت أو معزًا، ويجزئ من كل ذلك الذكور والإناث.
فمن ضحى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور لم تصح تضحيته به؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 34]، ولأنه لم تنقل التضحية بغير الأنعام عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ولو ذبح دجاجة أو ديكًا بنية التضحية لم يجزئ.
ويتعلق بهذا الشرط أن الشاة تجزئ عن واحد والبدنة والبقرة كل منهما عن سبعة؛ لحديث جابر رضى الله عنه قال: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» أخرجه مسلم.
الشرط الثاني: أن تبلغ سن التضحية، بأن تكون ثنية أو فوق الثنية من الإبل والبقر والمعز، وجذعة أو فوق الجذعة من الضأن، فلا تجزئ التضحية بما دون الثنية من غير الضأن، ولا بما دون الجذعة من الضأن؛ لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» رواه مسلم فى “صحيحه”.
والمسنة من كل الأنعام هى الثنية فما فوقها، حكاه الإمام النووى عن أهل اللغة، وعليه فأقل ما يجزئ من السن ما يلي: الجذعة من الضأن: والجذع من الضأن ما أتم ستة أشهر، والمسنة من الماعز هى الثني: وهى ما أتم سنة قمرية ودخل فى الثانية دخولًا بينًا كأن يمر عليها شهر بعد بلوغ السنة، والمسنة من البقر هى الثني: وهى ما بلغ سنتين قمريتين، والجاموس نوع من البقر، والمسنة من الإبل -الجمال- الثَّنِي: وهو ما كان ابن خمس سنين.
ولكن المفتى به فى دار الإفتاء المصرية أنه يمكن تخلف شرط السن فى الذبيحة، فيجوز ذبح الصغيرة التى لم تبلغ السن إن كانت عظيمة بحيث لو خلط بالثنايا لاشتبه على الناظرين من بعيد، حيث إن وفرة اللحم فى الذبيحة هى المقصد الشرعى من تحديد هذه السن، فلو حصلت وفرة اللحم أغنت عن شرط السن.
الشرط الثالث: سلامتها من العيوب الفاحشة، وهى العيوب التى من شأنها أن تنقص الشحم أو اللحم إلا ما استثنى.
وبناء على هذا الشرط لا تجزئ التضحية بما يأتي:
1- العمياء.
2- العوراء البين عورها، وهى التى ذهب بصر إحدى عينيها، وفسرها الحنابلة بأنها التى انخسفت عينها وذهبت؛ لأنها عضو مستطاب، فلو لم تذهب العين أجزأت عندهم، وإن كان على عينها بياض يمنع الإبصار.
3- مقطوعة اللسان بالكلية.
4- ما ذهب من لسانها مقدار كثير، وقال الشافعية: يضر قطع بعض اللسان ولو قليلًا.
5- الجدعاء، وهى مقطوعة الأنف.
6- مقطوعة الأذنين أو إحداهما، وكذا السكاء وهي: فاقدة الأذنين أو إحداهما خلقة، وخالف الحنابلة فى السكاء.
7- ما ذهب بعض الأذن مطلقًا، والأصل فى ذلك كله حديث: “أن النبى صلَّى الله عليه وآله وسلم نهى أن يُضَحَّى بعضْباءِ الأذنِ” أخرجه أبو داود.
8- العرجاء البين عرجها، وهى التى لا تقدر أن تمشى برجلها إلى المنسك -أى المذبح-، وفسرها المالكية والشافعية بالتى لا تسير بسير صواحبها.
9- الجذماء، وهي: مقطوعة اليد أو الرجل، وكذا فاقدة إحداهما خلقة.
10- الجذاء، وهي: التى قطعت رءوس ضروعها أو يبست، وقال الشافعية: يضر قطع بعض الضرع ولو قليلًا.
11- مقطوعة الألية، وكذا فاقدتها خلقة، وخالف الشافعية فقالوا بإجزاء فاقدة الألية خلقة بخلاف مقطوعتها.
12- ما ذهب من أليتها مقدار كثير، وقال الشافعية: يضر ذهاب بعض الألية ولو قليلًا.
13- مقطوعة الذنب، وكذا فاقدته خلقة، وهى المسماة بالبتراء.
14- ما ذهب من ذنبها مقدار كثير، وقال المالكية: لا تجزئ ذاهبة ثلثه فصاعدًا، وقال الشافعية: يضر قطع بعضه ولو قليلًا.
15- المريضة البين مرضها، أى التى يظهر مرضها لمن يراها.
16- العجفاء التى لا تنقى، وهى المهزولة التى ذهب نقيها، وهو المخ الذى فى داخل العظام، فإنها لا تجزئ؛ لأن تمام الخلقة أمر ظاهر، فإذا تبين خلافه كان تقصيرًا.
17- مصرمة الأطباء، وهى التى عولجت حتى انقطع لبنها.
18- الجلالة، وهى التى تأكل العذرة ولا تأكل غيرها، ما لم تُستبرأ بأن تحبس أربعين يومًا إن كانت من الإبل، أو عشرين يومًا إن كانت من البقر، أو عشرة إن كانت من الغنم.
وذكر الشافعية أن الهيماء لا تجزئ، وهى المصابة بالهيام وهو عطش شديد لا ترتوى معه بالماء، فتهيم فى الأرض ولا ترعى، وكذا الحامل على الأصح؛ لأن الحمل يفسد الجوف ويصيِّر اللحم رديئًا. انظر: “المجموع شرح المهذب” (8/ 400).
وما عدا ذلك من العيوب فلا يؤثر فى صحة الأضحية، والأصل الذى دل على اشتراط السلامة من هذه العيوب كلها ما صح عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِى الْأَضَاحِى -فَقَالَ-: الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِى لَا تَنْقَى» أخرجه أبو داود، وما صح عنه عليه الصلاة والسلام فى الحديث الذى رواه سيدنا على أنه قال: “أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ” أخرجه أحمد، أي: تأملوا سلامتهما من الآفات، وما صح عنه عليه الصلاة والسلام “أنه نهى أن يُضَحَّى بعضْباءِ الأذنِ” أخرجه أبو داود.
طروء العيب المخل بعد تعيين الأضحية:
من أوجب أضحية معينة بالنذر أو الجعل، ثم طرأ عليها عيب يمنع إجزاءها قبل دخول الوقت الذى تجزئ فيه التضحية أو بعد دخوله وقبل تمكنه من الذبح، ولم يقع منه تفريط ولا اعتداء لم يلزمه بدلها، لزوال ملكه عنها من حين الإيجاب، ويلزمه أن يذبحها فى الوقت ويتصدق بها كالأضحية وإن لم تكن أضحية، وإذا طرأ العيب باعتدائه أو تفريطه أو تأخره عن الذبح فى أول الوقت بلا عذر لزمه ذبحها فى الوقت والتصدق بها، ولزمه أيضًا أن يضحى بأخرى لتبرأ ذمته.
ولو اشترى شاة وأوجبها بالنذر أو الجعل، ثم وجد بها عيبًا قديمًا، فليس له أن يردها على البائع؛ لأنه زال ملكه عنها بمجرد الإيجاب، فيتعين أن يبقيها، وله أن يأخذ أرش النقص من البائع، ولا يجب عليه التصدق به؛ لأنه ملكه، وعليه أن يذبحها فى الوقت، ويتصدق بها كلها لشبهها بالأضحية، وإن لم تكن أضحية، ويسقط عنه الوجوب بهذا الذبح، ويسن له أن يردفها بسليمة، لتحصل له سنة التضحية.
ولو زال عيبها قبل الذبح لم تصر أضحية إذ السلامة لم توجد إلا بعد زوال ملكه عنها.
ولو قدم المضحى أضحية ليذبحها، فاضطربت فى المكان الذى يذبحها فيه، فانكسرت رجلها، أو انقلبت فأصابتها الشفرة فى عينها فاعورت أجزأته؛ لأن هذا مما لا يمكن الاحتراز عنه؛ لأن الشاة تضطرب عادة، فتلحقها العيوب من اضطرابها.
الشرط الرابع: أن تكون مملوكة للذابح، أو مأذونًا له فيها صراحة أو دلالة، فإن لم تكن كذلك لم تجزئ التضحية بها عن الذابح؛ لأنه ليس مالكًا لها ولا نائبًا عن مالكها؛ لأنه لم يأذن له فى ذبحها عنه، والأصل فيما يعمله الإنسان أن يقع للعامل ولا يقع لغيره إلا بإذنه.
النوع الثاني: شرائط ترجع إلى المضحي:
الشرط الأول: نية التضحية؛ لأن الذبح قد يكون للحم، وقد يكون للقربة، والفعل لا يقع قربة إلا بالنية، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» أخرجه البخارى.
الشرط الثاني: أن تكون النية مقارنة للذبح أو مقارنة للتعيين السابق على الذبح، سواء أكان هذا التعيين بشراء الشاة أم بإفرازها مما يملكه، وسواء أكان ذلك للتطوع أم لنذر فى الذمة، ومثله الجعل كأن يقول: جعلت هذه الشاة أضحية، فالنية فى هذا كله تكفى عن النية عند الذبح، وهذا عند الشافعية وهو المفتى به.
السؤال السابع: متى وقت التضحية؟
وقت التضحية مبدأ ونهاية:
أولًا: بدايته: يدخل وقت ذبح الأضحية بعد طلوع شمس اليوم العاشر من ذى الحجة، وبعد دخول وقت صلاة الضحى، ومُضى زمان من الوقت يسع صلاة ركعتين وخطبتين خفيفتين، لا فرق فى ذلك بين أهل الحضر والبوادى، وهذا قول الشافعية والحنابلة، وبه قال ابن المنذر وداود الظاهرى والطبرى، وهو المفتى به.
ثانيًا: نهايته: ينتهى وقت الذبح بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، أى أن أيام النحر أربعة: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وهو قول الشافعية.
وقد احتج الشافعية على ذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كُل أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبَحٌ» أخرجه ابن حبان، قال الإمام الشافعي: [فإذا غابت الشمس من آخر أيام التشريق ثم ضحى أحد فلا ضحية له] اهـ. “الأم” (2/ 222).
السؤال الثامن: هل يجوز التضحية فى ليالى أيام النحر؟
ليلة عيد الأضحى ليست وقتًا للتضحية بلا خلاف، وكذلك الليلة المتأخرة من أيام النحر، وإنما الخلاف فى الليلتين أو الليالى المتوسطة بين أيام النحر، فالمالكية يقولون: لا تجزئ التضحية التى تقع فى الليلتين المتوسطتين، وهما ليلتا يومى التشريق من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
وقال الحنابلة والشافعية: إن التضحية فى الليالى المتوسطة تجزئ مع الكراهة؛ لأن الذابح قد يخطئ المذبح، وإليه ذهب إسحاق وأبو ثور والجمهور، وهو أصح القولين عند الحنابلة.
واستثنى الشافعية من كراهية التضحية ليلًا ما لو كان ذلك لحاجة، كاشتغاله نهارًا بما يمنعه من التضحية، أو مصلحة كتيسر الفقراء ليلًا، أو سهولة حضورهم، وهذا هو المفتى به.
السؤال التاسع: ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟
أفضل وقت لذبح الأضحية، هو اليوم الأول وهو يوم الأضحى بعد فراغ الناس من الصلاة، فاليوم الأول أفضل منها فيما يليه؛ لأنها مسارعة إلى الخير، وقد قال الله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]، والمقصود المسارعة إلى سبب المغفرة والجنة، وهو العمل الصالح.
السؤال العاشر: ما هى مستحبات الأضحية؟
ما يستحب قبل التضحية: يستحب قبل التضحية أمور:
1- أن يربط المضحى الأضحية قبل يوم النحر بأيام؛ لما فيه من الاستعداد للقربة وإظهار الرغبة فيها، فيكون له فيه أجر وثواب.
2- أن يقلدها ويجللها قياسًا على الهدي؛ لأن ذلك يشعر بتعظيمها، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، والتقليد: تعليق شيء فى عنق الحيوان ليعلم أنه هدى أو أضحية، والتجليل: إلباس الدابة الجُل -بضم الجيم، ويجوز فتحها مع تشديد اللام-، وهو ما تغطى به الدابة لصيانتها.
3- أن يسوقها إلى مكان الذبح سوقًا جميلًا لا عنيفًا ولا يجر برجلها إليه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» أخرجه مسلم.
4- إمساك المضحى عن قص شعره وأظفاره، فعن أم سلمة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا رَأيْتُمْ هِلالَ ذِى الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّى فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعرِهِ وأظْفَارِهِ» أخرجه مسلم.
وجمهور العلماء على أن الأمر بالإمساك عن الشعر والأظفار فى هذا الحديث محمول على الندب والاستحباب لا على الحتم والإيجاب، بمعنى أن من أراد أن يضحى فإنه يكره له الأخذ من شعره وأظفاره، وكذلك سائر جسده، فإن فعل لا يكون آثمًا وإنما تارك للفضيلة فحسب، وذلك من ليلة اليوم الأول من ذى الحجة إلى الفراغ من ذبح الأضحية.
5- أن يذبح المضحى بنفسه إن قدر عليه؛ لأنه قربة، ومباشرة القربة أفضل من تفويض إنسان آخر فيها، فإن لم يحسن الذبح فالأولى توليته مسلمًا يحسنه، ويستحب فى هذه الحالة أن يشهد الأضحية؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة رضى الله عنها: «يَا فَاطِمَةُ قُومِى إلى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا» أخرجه الحاكم، وقد اتفقت المذاهب على هذا.
6- أن يدعو فيقول: “اللهم منك ولك، إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين”؛ لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أمر فاطمة رضى الله عنها أن تقول: «إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِي» أخرجه ابن ماجه، ولحديث جابر رضى الله عنه أنه قال: ذبح النبى صلى الله عليه وآله وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجوءين فلما وجههما قال: «إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِى لِلَّذِى فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِاسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ» ثُمَّ ذَبَحَ. أخرجه أبو داود.
ويستحب بعد التسمية التكبير ثلاثًا والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والدعاء بالقبول.
السؤال الحادى عشر: ما يستحب وما يكره بعد التضحية؟
ما يستحب وما يكره بعد التضحية:
يستحب للمضحى بعد الذبح أمور: أن ينتظر حتى تسكن جميع أعضاء الذبيحة فلا ينخع -ينخع: بفتح الخاء أي: يتجاوز محل الذبح إلى النخاع وهو الخيط الأبيض الذى فى داخل العظم- ولا يسلخ قبل زوال الحياة عن جميع جسدها.
أن يأكل منها ويطعم ويدخر؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 27-28]، وقوله عز وجل: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: 36]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا ضَحَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ» أخرجه أحمد.
والأفضل أن يتصدق بالثلث، ويتخذ الثلث ضيافة لأقاربه وأصدقائه، ويدخر الثلث، وله أن يهب الفقير والغنى، وقد صح عن ابن عباس رضى الله عنهما فى صفة أضحية النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: [ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤَّال بالثلث” رواه أبو موسى الأصفهانى فى “الوظائف” وحسنه] اهـ. كما فى “المغني” (11/ 109).
السؤال الثانى عشر: ما حكم النيابة فى الأضحية كصك الأضحية؟
حكم النيابة فى الأضحية كصك الأضحية:
اتفق الفقهاء على أنه تصح النيابة فى ذبح الأضحية إذا كان النائب مسلمًا؛ لحديث السيدة فاطمة السابق: «يَا فَاطِمَةُ قُومِى إلى أُضْحِيَّتِكِ فَاشْهَدِيهَا» أخرجه الحاكم؛ لأن فيه إقرارًا على حكم النيابة.
وعليه: فيجوز للمسلم أن ينيب عنه شخصًا ما فى الذبح، وكذلك له أن يوكل من يشترى له الأضحية ويذبحها، وذلك كما انتشر حديثًا مما يسمى بصك الأضحية.
السؤال الثالث عشر: هل يجوز أن تكون النيابة لغير المسلم؟
عن حكم النيابة لغير المسلم: ذهب الجمهور إلى صحة التضحية مع الكراهة إذا كان النائب كتابيًّا؛ لأنه من أهل الذكاة.
السؤال الرابع عشر: حكم التضحية عن الميت؟
حكم التضحية عن الميت: إذا أوصى الميت بالتضحية عنه أو وقف وقفًا لذلك جاز بالاتفاق، فإن كانت واجبة بالنذر وغيره وجب على الوارث إنفاذ ذلك، أما إذا لم يوصِ بها فأراد الوارث أو غيره أن يضحى عنه من مال نفسه، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز التضحية عنه، وهذا هو المفتى به، وقال الشافعية: الذبح عن الميت لا يجوز بغير وصية أو وقف.
السؤال الخامس عشر: هل يقوم غير الأضحية من الصدقات مقامها؟
لا يقوم غير الأضحية من الصدقات مقامها حتى لو تصدق إنسان بشاة حية أو بقيمتها فى أيام النحر لم يكن ذلك مغنيًا له عن الأضحية، لا سيما إذا كانت واجبة، وذلك أن الوجوب تعلق بإراقة الدم، والأصل أن الوجوب إذا تعلق بفعل معين لا يقوم غيره مقامه كالصلاة والصوم بخلاف الزكاة.
السؤال السادس عشر: هل الأضحية أفضل أم الصدقة؟
المفاضلة بين الضحية والصدقة:
الضحية أفضل من الصدقة؛ لأنها واجبة أو سنة مؤكدة، وهى شعيرة من شعائر الإسلام.
السؤال السابع عشر: هل ذبح الرجل يجزئ عنه وعن أهل بيته؟
هل ذبح الرجل يجزئ عنه وعن أهل بيته:
الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت الواحد، فإذا ضحى بها واحد من أهل البيت تأدَّى الشعار والسنة بجميعهم، وهذا مذهب مالك والشافعى وأحمد وإسحاق والأوزاعى، واستدلوا بما يلي:
1- أخرج مالك والترمذى وابن ماجه عن عُمارة بن عبد الله قال: سمعت عطاء بن يسار يقول: سألت أبا أيوب رضى الله عنه: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: “كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّى بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى”. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وعن عبد الله بن هشام قال: “كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُضَحِّى بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ” رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبى.
السؤال الثامن عشر: هل يجوز الاشتراك فى الأضحية؟
يجوز الاشتراك فى الأضحية بشرطين:
الأول: أن تكون الذبيحة من جنس الإبل أو البقر، ولا يجوز الاشتراك فى الشياه.
الثاني: البدنة تجزئ عن سبعة والبقرة تجزئ عن سبعة بشرط ألا يقل نصيب كل مشترك عن سبع الذبيحة. ويجوز أن تتعدد نيات السبعة، ويجوز أن يتشارك المسلم مع غير المسلم فيها، ولكل منهم نيته.
قال ابن قدامة: [وهذا قول أكثر أهل العلم، روى ذلك عن على وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وعائشة رضى الله عنهم، وبه قال عطاء وطاوس وسالم والحسن وعمرو بن دينار والثورى والأوزاعى والشافعى وأبو ثور وأصحاب الرأي] اهـ. “المغني” (9/ 437)، وانظر “المجموع” (8/ 398-422).
وأدلة جواز الاشتراك ما يلي:
عن جابر رضى الله عنه قال: “نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ” رواه مسلم.
وعن حذيفة رضى الله عنه قال: “شَرَّكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِى حَجَّتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِى الْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ” رواه أحمد، وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
السؤال التاسع عشر: هل تجزئ الأضحية عن العقيقة؟
هل تجزئ الأضحية عن العقيقة:
يجوز لمن لا يملك ثمن العقيقة والأضحية منفردين أن يجمع بينهما بنية واحدة فى ذبيحة واحدة، شريطة موافقة وقت العقيقة وقتَ الأضحية؛ لأنهما من السنن التى يمكن تداخلهما ويصح قصدهما بنية واحدة كما صح عند بعض الفقهاء؛ وذلك مثل صيام يوم عرفة ويوم الإثنين إن وافق يوم الإثنين على ما ذهب إليه الإمام الحسن البصرى، ومحمد بن سيرين، والإمام أحمد فى إحدى الروايتين عنه، حتى روى أنه اشترى أضحية عن نفسه وأهل بيته وكان ابنه عبد الله صغيرًا فذبحها وأراد بذلك العقيقة والأضحية، وقطع به الشمس الرملى من الشافعية، ورأى العلامة البيجرمى ذلك وجيهًا، وفيه تخفيف على من لا يملك ثمن العقيقة والأضحية معًا، ولا يريد أن يُقصِّر فيما شرعت الشريعة من النسك.
ولأن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح، فدخلت إحداهما فى الأخرى، كما أن تحية المسجد تدخل فى صلاة الفريضة لمن دخل المسجد.
وروى الحافظ ابن أبى شيبة رحمه الله فى “المصنف” (5/ 116، ط. دار الرشد) عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: “إذَا ضَحُّوا عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنَ الْعَقِيقَةِ”. وعَنْ هِشَامٍ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا: “يُجْزِئُ عَنْهُ الأضحية مِنْ الْعَقِيقَةِ”.
قال العلامة البهوتى فى “شرح منتهى الإرادات” (1/ 616، ط. عالم الكتب): [(وَإِنْ اتَّفَقَ وَقْتُ عَقِيقَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ) بِأَنْ يَكُونَ السَّابِعُ أو نَحْوُهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (فَعَقَّ) أَجْزَأَ عَنْ أُضْحِيَّةٍ (أَوْ ضَحَّى أَجْزَأَ عَنِ الْأُخْرَى) كَمَا لَوْ اتَّفَقَ يَوْمُ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَاغْتَسَلَ لِأَحَدِهِمَا. وَكَذَا ذَبْحُ مُتَمَتِّعٍ أو قَارِنٍ شَاةً يَوْمَ النَّحْرِ، فَتُجْزِئُ عَنِ الْهَدْى الْوَاجِبِ وَعَنِ الْأُضْحِيَّةَ] اهـ
السؤال العشرون: ما هو الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام؟
وهو: الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام: اختلف الفقهاء فى الأفضل فى الأضحية من أنواع الأنعام على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أفضل الأضاحى هى البدنة ثم البقرة ثم الشاة، وهذا قول الشافعية والحنابلة والظاهرية، وبه قال بعض المالكية.
قال الإمام الشافعي: والإبلُ أَحبُّ إلى أن يُضَحَّى بها من البقر، والبقر من الغنم، والضأنُ أَحبُّ إلى من المعز.
القول الثاني: أفضل الأضاحى الضأن ثم البقر ثم الإبل، وهذا قول المالكية المعتمد عندهم.
قال العلامة الخرشي: [الضأن بإطلاقه، ذكوره وإناثه وفحوله وخصيانه أفضل فى الأضحية من المعز بإطلاقه ثم إن المعز بإطلاقه أفضل من الإبل ومن البقر بإطلاقهما] اهـ. “شرح الخرشي” (3/ 38)، و”الذخيرة” (4/ 143).
القول الثالث: أفضل الأضاحى ما كان أكثر لحمًا وأطيب، وهذا قول الحنفية، فالشاة أفضل من سبع البقرة، فإن كان سبع البقرة أكثر لحمًا فهو أفضل.
والقول الراجح هو قول المالكية فى أن الأفضل فى الأضحية الغنم ثم الإبل ثم البقر؛ وذلك لفعل النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كان يضحى بالغنم بل بالكباش، وقد ثبت ذلك فى أحاديث، منها:
عن أنس رضى الله عنه قال: “كَانَ النَّبِى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ، وَأَنَا أُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ” رواه البخارى -واللفظ له- ومسلم، وفى قول أنس رضى الله عنه: “كان يضحي” ما يدل على المداومة. “فتح الباري” (12/ 114).
وحديث عائشة رضى الله عنها: “أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِى سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِى سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِى سَوَادٍ، فَأُتِى بِهِ لِيُضَحِّى بِهِ… إلخ” رواه مسلم.
وحديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال: “ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَوْمَ عِيدٍ بِكَبْشَيْنِ…” رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه واللفظ له.
وعن عائشة وأبى هريرة رضى الله عنهما: “أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إِذَا أَرَادَ أَنْ يُضَحِّى، اشْتَرَى كَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ، سَمِينَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ، أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ… إلخ” رواه أحمد وابن ماجه واللفظ له.
السؤال الحادى والعشرون: هل يجوز إعطاء غير المسلمين من الأضحية؟
إعطاء غير المسلمين من الأضحية:
لا بأس بإعطاء غير المسلمين منها لفقره أو قرابته أو جواره أو تأليف قلبه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم فى حديث أسماء بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما المتفق عليه: «صِلِى أُمَّكِ»، ومن المعلوم أن أم أسماء كانت من كفار قريش الوثنيين، وفى حديث أبى هريرة رضى الله عنه المتفق عليه: «فى كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ».
السؤال الثانى والعشرون: ما حكم إعطاء جلد الأضحية للجزار على سبيل الأجر؟
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: أَمَرَنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِى الْجَزَّارَ مِنْهَا، وقَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا»، وفى رواية عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَيْسَ فِى حَدِيثِهِمَا أَجْرُ الْجَازِرِ» أخرجه مسلم.
وعليه: فلا يجوز للمسلم أن يعطى الجزار شيئًا من الأضحية على سبيل الأجر، ويمكن إعطاؤه على سبيل التفضل والهدية أو الصدقة، أما كأجر له فيحرم ذلك لما ورد، ولأن إعطاء الجزار شيئًا من الأضحية يشبه البيع من الأضحية، وقد روى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ» أخرجه الحاكم.