طرائف وعجائب الدعاية زمان.. «قريبا.. يوم القيامة».. حكاية أغرب إعلان فى تاريخ الفن
قديمًا كانت الدعاية للأعمال الفنية تتبع أساليب، تحمل الكثير من المبالغات، أو تعتمد على حيل قد نراها اليوم ساذجة بعدما تقدمت وسائل دعاية وإعلان الفنون.
وفى عدد نادر من مجلة الكواكب، صدر عام 1952، نشرت المجلة موضوعًا عن غرائب الدعاية للأعمال السينمائية والمسرحية، وتحدثت عن أساليب قديمة ونوادر حدثت بسبب الدعاية عن هذه الأعمال.
وذكرت الكواكب وقائع أغرب إعلان ودعاية عن عمل فنى حين استيقظ أهالى إحدى المناطق الشعبية ليجدوا جدران المنطقة مغطاة بلافتات تحمل عبارة من ثلاث كلمات، وهى «قريبًا.. يوم القيامة»، وهو ما أصابهم بالفزع لأنهم شعروا بأن هذا الإعلان ينبئهم بقرب النهاية، وفسر بعض السذج منهم الإعلان بأن الحكومة لا بد وأنها هى التى نشرته وأن لديها معلومات بأن يوم القيامة اقترب بحكم أن الحكومة تعرف كل شىء، لذلك أرادت أن تنبههم كى يكفر كل منهم عن ذنوبه ويعود إلى الله قبل يوم القيامة، ويقضى ما تبقى من عمره فى العبادة حتى يلقى ربه وهو طاهر وخال من الذنوب.
وهرع أهل هذه المنطقة الشعبية إلى المساجد يصلون ويطلبون من ربهم الرحمة والغفران.
وفى أحد الأيام تصادف أن رأى أهل هذا الحى عددًا من العمال وهم يلصقون هذه الإعلانات على الجدران فى الشوارع، فتزاحم عليهم أهل الحى ليسألونهم عن سر هذا الإعلان، وماذا يعرفونه عن يوم القيامة ومتى سيكون، فرد عليهم العمال بكل بساطة قائلين: «يوم القيامة.. سيكون على مسرح الأوبرا يوم الجمعة المقبل».
فرد الأهالى: «يعنى القيامة هتقوم فى الأوبرا بس».
وأجاب العمال: «أيوة فى الأوبرا بس وهتقدمها الفرقة بتاعة الحكومة، ابقوا روحوا اتفرجوا عليها».
وتبين أن «يوم القيامة» هو عنوان عمل مسرحى سيعرض على مسرح الأوبرا، وكانت هذه الملصقات للإعلان عنه.
وكان من بين الوقائع الغريبة والإعلانات العجيبة ما حدث عام 1935، قبل وقوع الحرب العالمية الثانية، وكانت وقتها العلاقات الدولية مشتعلة وتنذر بالحرب بعدما هاجمت إيطاليا الحبشة وتأزم الموقف العالمى، وفى هذه الأجواء نشرت جريدة اسمها المخبر على صفحتها الأولى وبالبنط العريض ما ورد إليها من تلغرفات فى الليل تقول إن الحرب قد أعلنت.
وصدرت جريدة المخبر تحمل عنوانها الرئيسى عبارة «بدأت الموقعة»، ونشرت تحته تفاصيل ما ورد إليها فى هذه التلغرافات.
وتهافت الناس على شراء جريدة المخبر ليعرفوا تفاصيل الحرب فى اهتمام ودهشة حتى وصلوا إلى آخر الصفحة فإذا بهم يفاجأون بأمر لم يخطر ببالهم، عرفوا أن جريدة المخبر نفسها كانت مجرد إعلان أصدرته سينما وهبى بمدينة رمسيس للدعاية لفيلم كان يعرض فيها فى هذا الوقت، وهو فيلم «الموقعة» الذى قام ببطولته شارل بواييه.
وكان الذى فكر فى صدور الإعلان بهذه الصورة والطريقة المثيرة فى هذا التوقيت ليستغل الحالة الدولية المضطربة أحمد عسكر الذى اشتهر بابتكاراته الغريبة فى مجال الدعاية للأعمال الفنية، وكان يعمل بفرقة رمسيس.
وهكذا أعلنت فرقة رمسيس الحرب العالمية الثانية قبل وقوعها.
وكان من بين غرائب الإعلانات ولكنها كانت مألوفة فى هذا الزمن القديم وتحديدًا فى العشرينات والثلاثينات والأربعينات من القرن الماضى ما كان يفعله أحد أشهر المعلنين وقتها، حيث كان يتبع أسلوب السجع دائمًا فى كل ما ينشره من إعلانات.
وقالت الكواكب: لقد أصبح الإعلان عن المسرحيات والأفلام حاليًا يتم بشكل وأسلوب بسيط يعتمد على السرعة ويفى بالغرض المطلوب من الإعلان، فى حين كان قديمًا يتسم بالغرابة.
وذكرت الكواكب ما كان يفعله هذا المعلن الشهير قديمًا، وكان يدعى عبدالكريم السنجرى، وكان يعمل أيضًا متعهدًا للحفلات المسرحية.
وقد أعلن عن مسرحية وقال فى إعلانه: «هلم يا عشاق التمثيل ويا سكان وادى النيل، إلى مشاهدة رواية شهداء الغرام، التى ستمثل بأكملها على التمام، فى تياترو حديقة الأزبكية ذى الطلعة البهية، وبطلها الأستاذ الأكبر والممثل الغضنفر، الشيخ سلامة حجازى الذى ليس له شبيه ولا موازى، بصوته الملائكى الساحر وتمثيله الأرائكى الفاخر».
فيما كان من أغرب الإعلانات التى شهدها الجمهور فى القاهرة على الجدران إعلان أراد كاتبه أن يشجع الجمهور على مشاهدة مسرحيات فرقة رمسيس، حيث كتب فى الإعلان: «بادروا إلى مشاهدة يوسف وهبى بك قبل انضمامه إلى الفرق الحكومية»، وكان متعهد الحفلات يقصد أن مشاهدة يوسف بك وهبى مع فرقته لا تعوض، أما مشاهدته مع الفرق الحكومية فأقل من ذلك، وهو أسلوب غريب فى الدعاية لفنان وفرقة وعمل فنى.