يهم كل المتقاضين.. جريمة الامتناع عن تنفيذ الأوامر والاحكام بين التأويل والتطبيق
مسألة تنفيذ الأحكام واحدة من المشاكل الرئيسة التي تؤرق أصحاب الحقوق، حيث هناك آلاف الأحكام التي تصدر بشكل يومي حيث أن “رول” محكمة الجنح في الدائرة الواحدة يصل في كثير من الأحيان إلى 500 قضية، ورغم الصعوبة الشديدة والمعاناة التي يعانيها القضاة لإصدار الأحكام من أجل سرعة التقاضي كأمر اجتماعي مهم في قضية العدالة الاجتماعية، وتحقيق السلم المجتمعي، إلا أن مسألة تنفيذ الأحكام تحتاج نظرة موضوعية كضمانة أكثر لمصير دولاب العدالة فيما يصدر عنه.
وأطراف الأحكام الصادرة قد يكونوا أشخاصاَ أو أفرادا، وقد يكون أطراف الأحكام – شخص اعتباري – ضمن مؤسسات الدولة أو مؤسسات اجتماعية أو أهلية، هناك أطراف رابعة مهمة وهي المزيج بين طرف مما سبق وطرف آخر، بمعنى نزاع بين فرد ومؤسسة اجتماعية أو الدولة، أو بين مؤسسة اجتماعية والدولة، ولا بد من التفرقة بين أمرين الأول عدم تنفيذ الأحكام والثاني تأخر إجراءات التقاضي.
جريمة الامتناع عن تنفيذ الأوامر والاحكام بين التأويل والتطبيق
وواقع الأمر أن أغلب الأحكام التى يعيقها التنفيذ ترتبط بالمجتمع، لكون أغلب الدعاوى – ومن ثم الأحكام – فى أروقة المحاكم أطرافها أفراد أو مؤسسات اجتماعية، أو مزيج بين هذين الطرفين – بعبارة أخرى – أن تنفيذ الأحكام يحتاج إلى رغبة فى الانصياع طواعية لها مسبقا، بغية تنفيذها بين الأطراف التي ارتضت السلطة التي أصدرتها “السلطة القضائية” لها حكما.
في التقرير التالي، تلقى «بوابة الضحى» الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تواجه شريحة كبيرة في المجتمع ممن يصدر لهم أحكام قضائية، تتمثل في جريمة الامتناع عن تنفيذ الاوامر والأحكام، وجنحة امتناع موظف عن تنفيذ القوانين واللوائح، وذلك في الوقت الذي يبقى فيه دور السلطة التنفيذية مهما للغاية في التنفيذ، فالتنفيذ لا يجب أن يخضع لنوع الطرف الذي يصدر الحكم لصالحه، هل هو فرد أم مؤسسة اجتماعية أو دولة؟ كما أن التنفيذ لا يجب أن يخضع لنفوذ من يصدر الحكم في غير صالحه، سواء كان فردا أو مؤسسات اجتماعية.
في البداية – أطلق عليها الفقهاء جريمة استعمال سطوة الوظيفة في وقف تنفيذ أوامر الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أي عرقلة تنفيذ حكم القانون، وقد قصد المشرع منها القضاء على ما كثر منه الشكوى من الامتناع عن تنفيذ الأحكام التي تصدر من القضاء والمحاكم أو تراخيهم فى تنفيذها الأمر الذي لم يكن يخضع الموظف المسئول عن التنفيذ إلا للمسئولية المدنية فقط، فجاء النص بعقوبة الحبس والعزل لكل موظف عمومي يمتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضى 8 أيام من إنذاره رسميا على يد محضر.
أركان الجريمة: يشترط لتكوين هذه الجريمة
1ـ أن يكون الجاني موظفا عموميا.
2ـ أن يستعمل الموظف سطوة وظيفته.
3ـ أن يعمل الموظف فى حدود اختصاصه، لأنه بغير ذلك لا يمكن أن يترتب على عمله أى أثر أو ينتج عنه أى ضرر.
وقضى بأن: صريح نص المادة (123) عقوبات يتناول بالعقاب الموظف العمومي الذي يمتنع عمدا عن تنفيذ الأحكام المشار إليها فيها، بعد إنذاراه بتنفيذها شريطة أن يكون تنفيذ الحكم داخل في اختصاصه، ومن ثم يتعين لتوافر الركن المادي في هذه الجريمة تحقق صفة الموظف العمومي، وكون تنفيذ الحكم داخلا في اختصاصه، فضلا عن وجوب إنذار الموظف المختص المطلوب إليه تنفيذ الحكم بالتنفيذ بعد إعلانه بالصورة التنفيذية للحكم المنفذ به.
4ـ أن يرمى الموظف إلى غرض من الأغراض الآتية الواردة فى المادة على سبيل الحصر وهي: استعمال الموظف سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة.
امتناع الموظف عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاراه على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص الموظف، ولا يشترط أن يتحقق الغرض الذي يرمى إليه الموظف من وراء استعماله سطوة وظيفته، بل يكفي أن يستعمل سطوة الوظيفة فى سبيل الوصول الى غرض من هذه الأغراض ولو لم يعمل إليه فعلا.
عقاب الجريمة
العقوبة المقررة للجريمة في صورتيها هي الحبس والعزل، فكل من الحبس والعزل يحكم به وجوبيا على الموظف مرتكب الجريمة، رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، وتنص المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية على أن ” إذا رأت النيابة العامة في مواد المخالفات والجنح أن الدعوى صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات التي جمعت، تكلف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة المختصة.
هل يحق للنيابة العامة ندب قاضى للتحقيق في الواقعة؟
وللنيابة العامة في مواد الجنح والجنايات أن تطلب ندب قاض للتحقيق طبقا للمادة 64 من هذا القانون، أو أن تتولى هي التحقيق طبقا للمادة 199 وما بعدها من هذا القانون، وفيما عدا الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات لا يجوز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجناية أو جنحة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، واستثناء من حكم المادة 237 من هذا القانون، يجوز للمتهم عند رفع الدعوى عليه بطريق الادعاء المباشر أن ينيب عنه – في أية مرحلة كانت عليها الدعوى – وكيلا لتقديم دفاعه، وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة من حق في أن تأمر بحضوره شخصيا.
وتنص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية على أن : ” تحال الدعوى إلى محكمة الجنح والمخالفات بناء على أمر يصدر من قاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة أو بناء على تكليف المتهم مباشرة بالحضور من قبل أحد أعضاء النيابة العامة أو من المدعي بالحقوق المدنية، ويجوز الاستغناء عن تكليف المتهم بالحضور إذا حضر الجلسة ووجهت إليه التهمة من النيابة العامة وقبل المحاكمة، ومع ذلك فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشر بالحضور أمامها في الحالتين الآتيتين:-
أولاَ: إذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى ولم يستأنف المدعي بالحقوق المدنية هذا الأمر في الميعاد أو استأنفه فأيدته محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة.
ثانياَ: إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات.
المصدر : اليوم السابع