زواج القاصرات بين «سترة البنت» و«الدعارة المقننة».. كيف يتم التصدى للظاهرة؟
منذ أيام محمد حسين يعقوب الداعية السلفى تريند على موقع التغريدات الشهير “تويتر” بعدما زج باسمه أحد الشباب في بوست على مواقع السوشيال ميديا، وتتطرق في حديثه عن عدد زيجات “يعقوب”، وأكد البعض أنه متزوج 22 مرة، مستندين في ذلك على تصريحات للداعية السلفى محمود عبد الرازق الرضوانى، بالإضافة إلى أنه بالعودة إلى العام 2017 الذي صدر خلاله حكم محكمة الاستئناف على رجب السويركي في قضية الجمع بين 5 زوجات، يتضح من المعلومات أنه بخلاف الخمس سيدات تزوج من 29 فتاة قاصرة من قبل.
وتأتى مثل هذه الوقائع تأكيداَ واستمرارا لسيل الفتاوى السلفية التى تشكل خطرا على المجتمع المصرى والتى يتعمدون إثارتها من وقت لآخر وهى قضية زواج القاصرات؛ حيث سبق وأن أطلق العديد من شيوخ الجماعة السلفية العشرات من الفتاوى التى تحلل زواج القاصرات وكان آخرها الفتوى التى أطلقها سامح عبدالحميد الداعية السلفى والتى قال فيها: “إن القرآن الكريم أباح زواج القاصرات دون بلوغهن وذلك فى سورة النساء أباح نكاح اليتيمة دون سن البلوغ”، وبرر “عبدالحميد” أيضا فتواه بأن هناك ولايات أمريكية فيها سن زواج الفتاة يصل 14 عاما.
زواج القاصرات بين “زواج البت سترة” و”الدعارة المقننة”
في التقرير التالى، تلقي منصة بلاحدود الضوء على إشكالية في غاية الخطورة تهدد المجتمعات العربية والإسلامية ألا وهي “زواج القاصرات” وكيفية تصدى المشرع العربى لمثل هذه الظاهرة، وذلك في الوقت الذى يردد فيه الكثيرين أن “الزواج سترة للمرأة” وهى العبارة التى يرددها دائما الأبوان بعد رؤية طفلتهما تكبر أمامهما، ليفكرا فى كيفية تعكير صفو حياتها وعدم الاستمتاع بطفولتها مثل الجميع، فتجد نفسها حبيسة فى بيت الزوجية، التي لا تفقه معناها من الأساس، ولكن درجة السوء لا تتوقف عند هذا الحد، بل يكون لها تأثيراتها السلبية على المجتمع من خلال ارتفاع معدلات.
في البداية، “زواج القاصرات.. زواج الأطفال.. الزواج المبكر”.. جميعها مسميات عديدة لجريمة تُعد مكتملة الأركان فى حق فتيات قبل بلوغهن السن الإنساني والقانوني وهى ظاهرة اجتماعية فى منتهى الخطورة منتشرة فى كل دول العالم وليس فى المجتمعات العربية والإسلامية فقط، ولا تقتصر أيضا على الدول النامية فحسب، ولكنها تختلف فى نسب الانتشار والشيوع، حيث تخلف تلك الظاهرة آثاراَ سلبية، اقتصادية واجتماعية وإنسانية، بالغة الخطورة على المجتمعات، وظاهرة زواج القاصرات كما تحدثنا تُعد ظاهرة اجتماعية لها العديد من الآثار السلبية على الأسرة والمجتمع على حد سواء، لأن الفتاة فى هذه المرحلة العمرية الصغيرة تكون غير مهيأة من الناحية النفسية والثقافية والعقلية والجسدية كى تقوم بمسئولية بيت وزوج وتربية أطفال، فتتحمل عبئا لا قدرة لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقا، فمثل هذا الزواج يُعد اغتصابا للحق فى الطفولة واعتداء صارخاَ على كرامة الطفل فهو من باب فقر الأخلاق بل يمثل جريمة مكتملة الأركان فى حق بناتنا والمجتمع بأكمله.
الثالوث المقدس “الجهل والفقر وقلة الوعى”
“جهل.. فقر.. قلة وعى..” أسباب رئيسية ساهمت بشكل كبير فى انتشار ظاهرة زواج القاصرات فى المجتمعات العربية خاصة فى القرى والمناطق الريفية والتى تزداد فيها نسبة الأمية، لم تفكر أسرتها فى قدرة تلك الصغيرة على التكيف مع حياتها بعد الزواج، فوجدت نفسها تتحمل مسؤولية كبيرة، لا تستطيع الفرار منها، ليزداد عليها العبء خاصة بعد تربيتها لأطفالها، وعلى المستوى العربى تناولت البرلمانات العربية قضية زواج القاصرات بشكل مختلف، وتراوحت أعمار الزواج فى عدد من البلدان العربية بين 9 أعوام و15 عاما و18 عاما بينما لم تحدد بعض البلدان العربية سن الزواج.
ونرى تعديل قانون الاحوال الشخصية بإضافة بند اجباري وليس اختياري في عقد الزواج أنه إذا تزوج الزوج من غير موافقة الزوجة فمن حق الزوجة تطليق نفسها بدون موافقة الزوج أو أن يكون يفسخ العقد بمجرد تحقق هذا الشرط، وسواء كان هذا الزواج رسميا أو عرفيا لمواجهة الكم الهائل من المشاكل المترتبة علي تعدد الزوجات ومن يريد التعدد في الزواج الذي تم قبل وضع هذا الشرط فعليه أن يحصل علي ترخيص بالتعدد من محكمة الأسرة وعلي أن يتم اخطار الزوجة ولها أن تحضر وتفند ادعاءات الزوج، وهناك بعض الدول العربية بتقيد التعدد بشروط وضوابط معينة كدولة المغرب والجزائر وذلك بالحصول على موافقة الزوجة الاولي للتعدد – هكذا يقول “جابر”.
شهوة التعدد لدى بعض السلفيين
ومن المؤسف أن هناك العديد من الصفحات والشيوخ المنتشرين علي السوشيال ميديا والذين ينادون بالتعدد في الوقت الذي يعاني الوطن العربي وخصوصا مصر من ارتفاع نسبة الطلاق لأسباب مادية واجتماعية، فهؤلاء منفصلون عن المجتمع ومشاكله الحقيقية حيث أن تعدد الزوجات في الاسلام مشروط بالعدالة الكاملة والتامة بين الزوجات الـ 4 والمراد جمعهما معا يقول القرأن الكريم في هذا السياق، وهو المصدر الرئيسي للتشريع في الإسلام، “فإن لم تعدلوا.. ولن تعدلوا فواحدة”، من هذه الآية الكريمة ينصحنا الله تعالى بالزواج بواحدة رغم أنه ترك الخيار بالزواج بـ 4 لمن يعدل فقط بين الزوجات الـ 4 وهو اجراء يعلم الله الذي خلق هذا الانسان بأنه لن يتمكن من تحقيق هذه العدالة، فإن كان مقتدرا ماديا في انصاف الزوجات الـ 4 وهذا مجازيا ممكن التحقيق إما العدالة في حب الـ 4 فهو أمر غير قابل للتحقيق البتة لذا بين الله تعالى لخلقه وهو ادرى الناس بهم فإن لم تعدلوا ولن تعدلوا فواحدة، وأيضا الآية: “ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم”، فمفهوم العدالة صعب تحقيقه.
والتعدد في حقيقة الأمر له أثر تأثير سلبي وقاسي وغير إنساني وبغض النظر عن حاجة الرجل إلى الجنس فهذه الحاجة هي وهم مدفوع من هذا الموروث السيئ حيث أن الزواج هو شراكه حياة وعندما يؤمن الرجل ان زوجته شريكته وليست أداة للإنجاب عندها فقط هنا سيقل عدد قضايا الأسرة الممتلئة بها المحاكم، ولمواجهة مثل هذه الظاهرة لا بد من تشديد العقوبات المفروضة علي الاعتداء علي القاصر “تزويج الأطفال” “الدعارة المقننة”، لكونه منتشر جدا في الارياف وهناك شبكات من السماسرة تعمل به ومن يقوم به للأسف المأذون الشرعي ويتم اشهاره في المساجد ويتم بيع هؤلاء البنات القصر للعرب والمعروف بالزواج السياحي، وينشأ عن هذا الزواج مشاكل كثيرة منها قضايا اثبات الزواج وقضايا النسب وينتج عنها مشاكل لا حصر لها، ونسرد من خلال هذا التقرير قضية زواج القاصرات فى عدد من البلدان العربية وكيف تعامل معها المشرع العربى.
ما بين العادات وغياب مصر
البداية كانت محاولة من الحكومة لمواجهة ظاهرة زواج القاصرات، تحت عنوان “حظر زواج الأطفال”، تقدمت السلطة التنفيذية بمشروع قانون لمجلس النواب المصرى، والذى ينص على أنه: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من زوّج أو شارك فى زواج طفل أو طفلة لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره وقت الزواج، ويعاقب بذات العقوبة كل شخص حرر عقد زواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة فى القانون ولا تسقط الجريمة بالتقادم”، كما نصت المادة الثانية على أن يلتزم المأذون بإخطار النيابة العامة الواقع فى دائرتها مقر عمله عن واقعة الزواج الذى أحد طرفيه طفل والتى يقوم بالتصديق عليها مرفقًا بالإخطار صورة عقد الزواج العرفى وبيانات أطرافه وشهوده، فيما تناولت المادة الثالثة عقوبة على كل مأذون لم يخطر النيابة العامة بواقعة التصادق على الزواج العرفى لطفل بالحبس لمدة لا تقل عن سنة والعزل.
مقترح برفع سن الزواج لـ 21 سنة
وفى إطار دعم هذا – وتأكيد سن زواج الفتيات، وحفاظا على حقهم فى التعليم والتأهيل لشغل مكانتهم فى المجتمع وحماية لهم من إهدار فرصهن فى الاختيار الرشيد لزوج المستقبل، أعلنت النائبة مارجريت عازر مشروع قانون يقضي برفع سن زواج الفتيات إلى 21 عاما، واعتبرت النائبة أن الزواج المبكر يرهق الفتيات الصغيرات بأعباء الزواج والحمل والولادة، حيث تكون الفتاة شبه طفلة تربى أطفالا ما ينعكس سلبا على المجتمع بأسره وأجياله القادمة.
وفى المقابل وعلى عكس المشروعات التى تم تقديمها والتى تجرم زواج القاصرات، وتؤكد رفع سن زواج الفتاة، خرج النائب أحمد سميح بمشروع قانون، وقع كالصاعقة على الكثيرين، والذي تضمن تخفيض سن زواج الفتيات من 16 عاما إلى 18 عاما، معتبرا أن زواج الفتيات فى سن 18 عاما يخل بمنظومة قاعدة البيانات، ويؤدى إلى وجود حالات زواج وطلاق خارج التسجيل فى قاعدة البيانات، الأمر الذى يتسبب فى حدوث مشاكل اجتماعية.
رأى المشرع السورى في زواج القاصرات
الأمر لم يختلف كثيرا فى سوريا عن مصر والتى حددت سن الزواج 18 عاما، حيث أصدر الرئيس بشار الأسد، فى عام 2018 قانونًا جديدًا يقضي بتعديل بعض مواد قانون العقوبات المتعلقة بالزواج بعد موافقة البرلمان السورى عليه.
وتضمن القانون الجديد تشديدًا فى العقوبات المفروضة على تزويج القاصرات خارج المحكمة، إذ تم تعديل المادة 469 من قانون العقوبات لتصبح عقوبة من يعقد زواج قاصر بكر (لم يسبق لها الزواج) لم يتم الثامنة عشرة من عمره خارج المحكمة المختصة دون موافقة من له الولاية على القاصر بالحبس من شهر لستة أشهر والغرامة من 50 إلى 100 ألف ليرة سورية، بدل الغرامة من 100 إلى 250 ليرة في القانون السابق، وفي حال تم عقد زواج القاصر خارج المحكمة بعد موافقة الولي، يعاقب بالغرامة من 25 ألفا إلى 50 ألف ليرة سورية.
رأى المشرع الأردني في زواج القاصرات
في عام 2017 أكد رئيس ديوان التشريع والرأي الأردني الدكتور نوفان العجارمة أن سن الزواج في الأردن مازال 18 عاما، كما أن القانون يسمح بزواج من بلغ سن الـ 15 عاما ضمن شروط يحددها قاضى القضاة، وبحسب الجريدة الرسمية في الأردن نشرت تعليمات جديدة تمنح لمن أكمل خمس عشرة سنة شمسية من عمره، ولم يكمل الثامنة عشرة، المستندة إلى قانون الأحوال الشخصية.
وهذه التعليمات الجديدة يلغي إقرارها تعليمات منح الإذن بالزواج لمن هم دون سن الـ 18 لعام 2011، تنص على أنه: “يجوز للقاضي أن يأذن بزواج من أكمل الخامسة عشرة من عمره ولم يكمل الثامنة عشرة إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة وفقًا لأحكام هذه التعليمات”.
رأى المشرع العراقي في زواج القاصرات
الأمر كان مختلفا بالنسبة للعراق والتى شهدت مؤخرا حالة من السخط الشعبى والسياسى حول مشروع قانون الأحوال الشخصية والذى وافق عليه البرلمان العراقى من حيث المبدأ مما أثار جدلًا واسعًا وانتقادات حقوقية على تلك التعديلات.
وتشمل التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، المادة 10 والتى قلصت سن زواج الفتيات إلى سن تسع سنوات بدلا من 18 سنة، ولا يبيح الزواج من غير المسلمات إلا مؤقتا، في حين حدد قانون مجلة الأحوال الشخصية العراقي لسنة 1959 سن الزواج للفتاة 18 سنة، ويسمح للزوج بتعدد الزوجات دون إذن الزوجة، ويسمح له بأخذ الرضيع بعمر السنتين من أمه ويجبر الزوجة على السكن مع أهل زوجها.
رأى المشرع اليمنى في زواج القاصرات
أما فى اليمن – فكان الوضع مختلفا تماما حيث لم يتم تحديد سن للزواج، إلا أن هناك مقترحات بتحديد سن الـ 18 كأدنى سن لزواج الفتيات فى اليمن، وتتفاوت أعمار الزواج في اليمن من منطقة لأخرى حيث إن لكل منطقة أعمارا يتم التعبير عنها بدخول الشخص مرحلة الزواج حيث تتراوح غالبًا أعمار الزواج الطبيعي في اليمن من سن 17سنة إلى سن 30 سنة.
وفى اليمن هناك قانون يحدد سن زواج الفتيات بـ15 عامًا، صدر في السبيعينات، ثم جرى تعديله عام 2000 ليبقى عمر الزواج مطلقًا، إلا أن القانون نصّ على عقوبات بالسجن بين شهرين وسنة، وغرامة تصل إلى 400 ألف ريـال يمني (1860 دولارًا)، لأي شخص غير مختص يحرر عقد زواج، وهو على معرفة بأن أحد الطرفين دون سن الـ”18″.
كما حدد قانون الأحوال الشخصية لعام 1992 الحد الأدنى لسن الزواج بخمس عشرة سنة، وفي 1998 تم حذف تلك المادة المتعلقة بسن الزواج وذلك ضمن مجموعة من القوانين والتعديلات الدستورية التي شهدتها البلاد عقب الحرب الاهلية، وأظهرت دراسة لمركز الرصد والحماية في منظمة سياج للطفولة، أن ما لا يقل عن 60% من الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل بلوغ الثامنة عشرة من عمرهن، في حين تتزوج أخريات بنسبة تراوح ما بين 30% و 40% قبل بلوغهن 15 عاما.
رأى المشرع اللبناني في زواج القاصرات
نفس الأمر فى لبنان والذى ظهرت فيه نفس الإشكالية الموجودة فى اليمن من خلال عدم وجود قانون لتحديد سن الزواج بلبنان في ظل قوانين أحوال شخصية متعددة بعدد الطوائف (15 قانون أحوال شخصية).
وفى محاولة للتصدى لهذه الإشكالية الكبيرة تقدم النائب عن كتلة القوات اللبنانية في البرلمان اللبنانى إيلي كيروز، فى عام 2017 باقتراح قانوني من أجل تحديد سن الزواج، وبحسب القانون المقدم فإنه يمنع تزاوج من هم دون الـ18 عاما.
رأى المشرع السعودى في زواج القاصرات
في غضون يناير 2019 – لأول مرة يوافق مجلس الشورى السعودى على مشروع ينص على منع الزواج لمن لم يبلغ 15 عاما، وقصر حالات عقد زواج من كان أقل من 18 عاما (ذكرا أو أنثى) على المحكمة المختصة، ولا يملك مجلس الشورى أي سلطة تشريعية، لكنه يقدم مقترحات للملك، وغالبا ما تلقى القرارات الصادرة عن المجلس ترحيبا محليا واسعا، حتى أنه ينظر لها وكأنها تهيئة للرأي العام.
الدول التى تسمح قوانينها الحالية بتزويج الفتيات دون الـ 18:
– البحرين
يحدد القانون البحريني السن الأدنى للزواج فى 15 سنة للفتيات و18 للذكور.
– الكويت
السن الأدنى للزواج هو 15 سنة للإناث و17 للذكور.
– لبنان
حسب القانون اللبنانى فإن الفتيات يمكن أن يتزوجن في عامهن الـ 17، بينما يتزوج الشبان في عامهم الـ 18.
– العراق
الحد الأدنى لزواج الفتيات هو 15 سنة مع ضرورة موافقة الوالدين.
– قطر
يمكن أن تتزوج الفتاة حسب القانون القطرى فى عامها الـ16.