ما حكم إضافة اسم الكافل الأول ولقبه معًا إلى اسم المكفول المجهول الأبوين؟
ما الحكم الشرعي في إضافة اسم الكافل الأول ولقبه معًا إلى اسم المكفول المجهول الأبوين؟
بمعنى لو أن شخصًا ما وجد طفلًا مجهول النسب، وقام بكفالته وتبناه في بيته، هل يمنحه اسمه ولقبه لكي يكون للطفل المكفول اسم ولقب مثل بقية الأطفال؟
الجواب : الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
لا يجوز شرعًا تسمية الطفل المكفول باسم كافله بحيث يشترك معه في كامل اسمه، أو فيما يوهم أنه ابنه من صلبه؛ لِما يحصل بهذا من صورة التبني المنهي عنه شرعًا، وحقيقتُه: إضافةُ ولدِ غيرِه إليه وإقامتُه مُقامَ ولدِه في الميراث والنسب والخلوة بنساء الأسرة على أنهنَّ محارمه وغير ذلك مما كان شائعًا في الجاهلية وصدر الإسلام، ثم حرَّمه الإسلام حِرْصًا على عدم اختلاط الأَنْسَاب، قال تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: 5]، ومعلوم أن الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه كان يُسَمَّى بـ(زيد بن محمد) لَمَّا تَبنَّاه سيدُنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلما نزل التحريم عاد اسمه كما كان (زيد بن حارثة).
والجائز منح الطفل المكفول لقبَ عائلةِ كافلِه؛ بحيث يَظهَرُ مُطلَقُ الانتماءِ إلى العائلة، دون التدليس بأنه ابنه أو ابنته من صلبه؛ حتى لا يدخل ذلك في نطاق التبني الْمُحَرَّم شَرْعًا، بل إن تلك الإضافة التي تكون في آخر اسم الطفل اليتيم أو مجهول النسب ستكون مثل عُلقة الولاء التي كانت بين القبائل العربية قديمًا، وليس في ذلك شيء من التبني المحرم كما سبق بيانه.
ويجوز أيضًا إضافة اسم الكافل المفرد لاسم الطفل المكفول مجهول النسب في محل اسم الأب؛ إذا رُوعِيَ في هذه الإضافة عدمُ الإيهام بأن المكفولَ ابنٌ لكافله مِن صُلْبِهِ، والاقتصارُ على إضافة الاسم الأول دون اللقب تحرُّزًا من ذلك؛ لأمور هي:
1- أن حقيقةَ التبني منتفيةٌ عن هذه الصورة؛ حيث إن التَّبَنِّي هو إضافةُ ولدِ غيرِه إليه وإقامتُه مُقامَ ولدِه في النظر إلى المحارم والميراث والنسب والمِلك والخلوة بنساء الأسرة على أنهنَّ محارمه ونحو ذلك. فالكافل لم يَدَّع أبوتَه للمكفول، ولم يُشرِكْه معه في كامل اسمه بما يُفهم منه أنه ولده الصُّلبي.
2- أن مصلحة الأحوال المدنية في عصرنا تقوم مقام النَّسَّابين الذين كانوا يحفظون أنساب الناس، وهي تحتفظ في وثائقها ما يضمن به عدم اختلاط الأنساب.
3- أن المعاملات التي تتطلب الأوراق الرسمية تُفَصِّلُ في النَّسَب ولا تكتفي بذكر اسم الأب فقط، بل لا بد من ذكر الأسماء إلى الاسم الثالث على الأقل وهو اسم الجد بما يقطع الاشتباه الذي يُخشَى وُقُوعُهُ عند الاكتفاء باسم الأب.
4- أن الناس في زماننا أصبحوا لا يكتفون باسم الأب في تعاملاتهم؛ وذلك للزيادة الكبيرة في عدد السكان وتغيُّر الثقافة.
فالجائز إذن إظهار مُطْلَق الانتماء إلى العائلة الحاصل بإضافة لقب الكافل وحده دون اسمه، أو اسمه دون لقبه، فإذا تعدى ذلك إلى التدليس بادِّعاء البُنُوَّة الصُّلْبِيَّة أو ما يُشعِر بها عن طريق إضافة الاسم الأول واللقب معًا فإنه ينتقل من نطاق إظهار مطلق الانتماء إلى التبني المحرم شرعًا.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجوز شرعًا الجمع بين إضافة اسم الكافل ولقبه معًا إلى اسم مكفوله مجهول الأبوين؛ لأن الجمع بينهما يؤدي إلى التدليس بأنَّ هذا المكفول هو ابنٌ للكافل، وهذا حرام شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم