ياسر حسني يكتب : كتائب البنا النسائية
جاء قرار وزارة الأوقاف باعتبار عام 2024 عاما للداعيات والعمل على تطوير أدائهن، والتوسع في إعداد الداعيات ونقل نشاطهن داخل مراكز الشباب والنوادي والتجمعات النسائية وقبله قرار وزارة التضامن بزيادة عدد الرائدات الريفيات، جاء القراران بمثابة خطوة مهمة جدا في التصدي للفكر المتطرف، خاصة وأن الأم هي الأكثر تأثيرا في ثقافة أبنائها.
وهذا ما انتبه له مؤسس جماعة الإخوان الارهابية ومرشدها الأول حسن البنا، فمع اللحظات الأولى التي وضع فيها لبنة تأسيس جماعته الظلامية كانت من بين لبناتها الأولى قسم خاص بالمرأة وأولاه عناية كبيرة وكان حريصا على دعمه بكل ما يطلبه من عناصر أو أموال ويسهل مهمته..
ولم يكتف بذلك بل كان حريصا على تأهيل عدد من الداعيات الإخوانيات “السريات” وإطلاقهم ليجوبوا النوادي والصالونات الثقافية والتجمعات النسائية للتقرب من الفتيات والنساء غير الإخوانيات لينقلوا إليهم بعض أفكارهم من خلال قصص وحكايات عن الصالحين والصحابة يتم توظيفها بشكل مشوق لضمان نقل تلك الحكايات لأطفالهم ومن ثم تأهيل الطفل ليستمع بعذ لك لعناصر التجنيد التابعة للجماعة.
كان حسن البنا حريصا منذ تأسيس الجماعة على أن يكون هناك عناصر نسائية داخل هيكلها الإداري لضمان سرعة انتشارها وبقاء فكر التنظيم في الأجيال الجديدة، فالمرأة أسرع وصولا لعقل الأطفال وأكثر تأثيرا عليهم، كما كان حريصا على أن يكون بين المنتميات للجماعة، والمؤمنات بفكرها، مدرسات خاصة من المتعاملات مع تلاميذ المرحلة الابتدائية، حتى لو تناقض هذا مع أفكاره الفقهية المعلنة في أدبيات الجماعة، والتي ترفض إعطاء النساء أبسط حقوقهن وهو حق التعليم أو حتى حق الخروج من البيوت أو المشاركة السياسية أو التعيين في الوظائف الحكومية.
ففي عام 1928، أسس البنّا مدرسة أمهات المؤمنين التابعة للإخوان، والتي تم اختيار المدرسات والعاملات بها من الشخصيات النسائية الناشطة في مجال حقوق المرأة رغم تعارض ذلك مع فكر الإخوان ولكن كان الهدف الأسمى هو السيطرة على الناشطات النسويات وأيضا تحويل المدرسة إلى “مفرخة” لأطفال ينتمون للجماعة في المستقبل سواء تنظيميا أو فكريا.
كما تأسّس قسم الأخوات في 26 أبريل 1933 بعد إنشاء الجماعة بستّة أعوام، في مدينة الإسماعيليّة تحت مسمّى “فرقة الأخوات المسلمات”، وكتب البنا رسالة إلى عضوات الفرقة تحت عنوان “المرأة المسلمة”، يتحدّث فيها عن أهميّة دور المرأة في المجتمع وتشكيل فكر الأجيال الجديدة وتغيير بوصلة المجتمع تجاه ما تؤمن به النساء.
وقال “البنا” في رسالة “المرأة المسلمة”، والتي تعد دستور تأسيس قسم “الأخوات” بجماعة الإخوان الإرهابية، ونشرتها مجلة المنار الإخوانية عام 1940، إن “المرأة نصف الأمة، بل النصف الأهم الذي يؤثر في حياته أبلغ تأثير وعليها يتوقف مصير الأمة واتجاهها”.
وأضاف: “المجتمع يقوم على الأسر، ويتكون منها، والأسر تقوم على المرأة، ويتخرج أفرادها على يديها، ويتلقون مبادئهم عنها، فهي محور ارتكازه، وعمود بنائه، وأساس أركانه، وبدونها لا يكون أبداً، بل لا يتصور في ذهن أن يقوم مجتمع بدون المرأة”.
واختار البنا “الثائرة النسوية” لبيبة أحمد عبد النبي، مؤسسة ورئيس تحرير جريدة النهضة النسائية، وإحدى المشاركات في ثورة 1919، وكانت من أكثر النساء قدرة على التأثير، ثم في العام 1921، أسست جريدة النهضة المصرية، ولم لا فقد كانت تمتلك موهبة الكتابة المؤثرة في السياسة والدين منذ أن كانت شابة، وهي تكتب في الصحف باسم مستعار، وكانت هي القوة القائدة للنساء في وقتها.
ونظرا لخبراتها السياسية والأدبية وعلاقاتها المتشعبة، وصفها البنا بأنها “المرشد العام للأخوات المسلمات” في إشارة لأنها أصبحت شريك “نسائي” لحسن البنا في إدارة الجماعة ولها كلمتها وثقلها في مكتب الشورى، رغم أنه احتفظ لنفسه وفق اللائحة برئاسة “قسم الأخوات” وكان مسماها الرسمي بالجماعة “وكيلة القسم” ولم يضمها فعليا لعضوية مكتب الشورى.
وفي كتابه “مذكرات الدعوة والداعية” قال البنا عن قسم الأخوات: “في غرة المحرم سنة 1352هـ (26 من أبريل سنة 1933م) تألفت في الإسماعيلية فرقة أدبية إسلامية تسمى فرقة الأخوات المسلمات”..
وأضاف أن من وسائل تلك الفرقة لتحقيق أغراضها “الدروس والمحاضرات في المجتمعات الخاصة بالسيدات والنصح الشخصي والكتابة والنشر”.
وشدد حسن البنّا في رسالته لـ “الأخوات المسلمات” أنه يجب عليهن أن “يتفرغن تفرغاً كاملاً للاستفادة من الدروس وتطبيقها في منازلهنّ، على أولادهنّ وأخواتهن وإخوانهنّ”.
ودعت جريدة الإخوان الفتيات للانضمام إلى “قسم الأخوات” في رسالة تصدرت الصفحة الأولى من العدد الصادر عقب تأسيس القسم قائلة: “نأمل أن نجد في فتيات الإسلام الغيورات من يعملن على تحقيق هذه المبادئ في أنفسهن وأسرهن، ويقمن بتكوين فرقة الأخوات المسلمات في بيئتهن إن استطعن إلى ذلك سبيلاً، ولمن أرادت ذلك أن تكتب إلى حضرة الآنسة المهذبة ووكيلة فرقة الأخوات المسلمات لبيبة أحمد بمدرسة أمهات المؤمنين بالإسماعيلية؛ لتقف منها على المعلومات اللازمة والجريدة ترحب بكل رأي صالح حول الاستفادة من هذه الفكرة”.
وعقب توليها مهام منصبها قالت لبيبة أحمد لفتيات قسم الأخوات: “أساس إصلاح الأمة إصلاح الأسرة، وأول إصلاح الأسرة إصلاح الفتاة لأن المرأة أستاذ العالم، ولأن المرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بيسارها”.
وأضافت: “على الفتاة المسلمة أن تفهم أن مهمتها من أقدس المهمات، وأن أثرها في حياة أمتها أعمق الآثار وأن في مقدورها أن تصلح الأمة إذا وجهت عنايتها لهذا الإصلاح، لهذا نحن نريد أن نصلح أنفسنا”.
وكان من بين أهداف “البنا” السرية في استقطابه للناشطة النسوية “لبيبة أحمد” وتكليفها بمنصب رئاسة جماعة “الأخوات المسلمات”، تنشر أفكار الجماعة بين التيارات النسائية السياسية والأدبية حتى بين غير المسلمات دون التقيد بشرط الإسلام فالهدف هو اختراق “التيارات السياسية والفكرية وزرع عناصر منتمية ومؤمنة بفكر الجماعة داخلها وكذلك اختراق التجمعات النسائية في النوادي وقصور العائلة المالكة”.
إذ أن “لبيبة” المولودة في القاهرة عام 1870 كان والدها طبيبا مشهورا بالإسكندرية مما ساعدها على التواصل مع العديد من العائلات الكبيرة، كما أنها درست اللغة العربية والسيرة النبوية وأدب الشريعة، وزوجها كان عثمان باشا مرتضى، القاضي في محكمه الإسكندرية، وكان على علاقة وثيقة مع الخديوي عباس حلمي الثاني، وتم تقليده رئيساً لمجلس الخديوية في يناير 1914.
وتمكنت لبيبة من إحداث طفرة في عدد لجان الأخوات، إذ وصلت إلى أكثر من 50 لجنة قبل الحل الأول للجماعة في عام 1948، كما استمرت في العمل التنظيمي حتى بلوغها سن السبعين.
وإن كان محمود الجوهري أحد قيادات الإخوان، والذي كان مسؤولا عن قسم الأخوات لأكثر من ثلاثين عاماً، يذهب لأكثر من ذلك، فيقول إنه وقبل اغتيال حسن البنا عام 1949، كان عدد شعب الأخوات بالجماعة قد وصل إلى 150 شعبة موزعة على محافظات مصر كافة.
ومنذ تأسيس قسم “الأخوات” توسعت الجماعة في استقطاب العناصر النسائية وتأسيس أقسام وشعب أخرى متنوعة تهتم بالفتيات ومنها يتم اختراق عقول الأطفال والمراهقين.
كان هذا القسم بمنزلة الأداة الرئيسية لتجنيد العضوات في الجماعة؛ وعنه تقول السكرتيرة السابقة للأخوات المسلمات فاطمة عبد الهادي في مذكراتها “رحلتي مع الأخوات”: «كان من نشاطنا الأساسي نشر الدعوة بين النساء في كل مصر، وتأسيس فرع للأخوات في أي مكان يمكن أن نصل إليه، فسافرنا إلى كل المحافظات وأسسنا فروعاً بها للأخوات المسلمات، فكان الإخوان يرتبون لنا برنامج الزيارة في كل مدينة نسافر لها، ويختارون منزلا بعينه تجتمع النساء فيه، ونعطيهن دروساً دينية، ونعرّفهن بالجماعة وأهدافها ونوجههن إلى قراءة كتب بعينها».
ومن الوقائع المهمة التي تتذكرها فاطمة عبد الهادي، أنها كانت تذهب بناء على طلب من البنا نفسه إلى محاضرات زينب الغزالي، والتي كان قد رفضت لسنوات طويلة الانضمام للإخوان هيكلياً وظلت هكذا حتى عام 1948، وكانت لديها جمعيتها الخاصة (جمعية السيدات المسلمات)، فتقول: «كنت أذهب والأخت أمينة الجوهري لمحاضرات زينب الغزالي في مقر جمعيتها، ولكننا لا ندخل المكان بل نقف بالخارج، إلى أن تنتهي زينب الغزالي من محاضرتها وتخرج الأخوات اللاتي كثيراً ما كن يأتين من بلاد عربية، ونتحدث معهن لإرسال رسائل دعوية لبلادهن بعد إقناعهن بفكر الجماعة».
ومما يعكس خطورة “الداعيات الإخوانيات” على الرجال والأطفال وأن تأثيرهن يتعدى النساء، ما ترويه فاطمة عن كيف كانت السبب في انتماء ثاني مرشد للجماعة وهو حسن الهضيبي، بعد أن نجحت في استقطاب ابنتيه سعاد وخالدة الهضيبي، عبر قسم الأخوات الذي كانت مسؤولة عنه، قائلة: «لما أنشأنا دار التربية الإسلامية للفتيات بالمنيرة، كانت الأخت سعاد الهضيبي قد عيّنت طبيبة في مستشفى أبو الريش للأطفال القريبة من الدار، وذات مرّة كانت تمر في طريقها فقرات إعلاناً يقول دار التربية الإسلامية للفتاة، فجاءت وقابلتني وقالت إن أختها خالدة لديها اهتمام بموضوع التربية الإسلامية وأنها سترسلها لزيارتي، ثم جاءت خالدة الهضيبي وانتمت الفتاتان لنا، وأخبرتنا خالدة أن أباها يحب هذا التوجه في تربية الفتيات، ولم يكن الأستاذ حسن الهضيبي قد دخل الإخوان… وكان أن دعتني أمها للغداء وجلس الأستاذ الهضيبي يتحدث إلينا ثم توالى دخول باقي أفراد العائلة بعد ذلك».
كما تكشف فاطمة عبد الهادي في مذكراتها، أنه كان من أهم أنشطة “قسم الأخوات” في ذلك الوقت هو تزويج الإخوان من الأخوات أو ممن يعتبرهن مناسبات وقريبات للفكر إذا لم تتوافر الأخت المناسبة، فتقول: «كان الإخوان يأتي الواحد منهم للأستاذ محمود الجوهري يطلب أن نجد له في قسم الأخوات من تناسبه، وكنت أطلب منه معلومات عن الأخ وأقوم أنا بترشيح الأخت المناسبة».
وقد كان التزويج وسيلة مهمة لتجنيد الفتيات بل وعائلات بأكملها وتذكر عبد الهادي أنها زوّجت إحدى الفتيات، والتي لم يكن عمرها يزيد على 17 عاماً وقتها، وتوسمت فيها الذكاء والولاء للتنظيم من ابن أحد السفراء العرب المهمين جداً وهي محاسن حمودة، بعد أن توسمت فيها قدرتها التنظيمية التي بالفعل مكنتها بعد زواجها من الشاب الذي أصبح بعد سنوات قليلة سفيراً لبلاده وقامت زوجته تلك بتأسيس أول شعبة للأخوات في آسيا وتحديداً في باكستان، كما أنشأت المنتدى الإسلامي بالولايات المتحدة أحد أهم منصات الإخوان بها.
أما آمال العشماوي، ابنة محمد العشماوي باشا وزير المعارف العمومية في وزارة إسماعيل صدقي الثالثة عام 1946، والذي عرف بميله للتديّن وثرائه الكبير، فتعد من بين أهم 3 سيدات اعتمد عليهن “البنا” واعتُبرن من أعمدة التنظيم النسائي، فهي بخلاف كونها من بين أهم الممولين للتنظيم حاصة في سنوات الأزمات السياسية الطاحنة، ومعها شقيقها حسن العشماوي، والذي كان قد سبقها للتنظيم ولحقت به هي وزوجها منير الدلّة القيادي الإخواني المعروف فيما بعد، وعضو مكتب الإرشاد وأحد أبناء الطبقة الثرية.
وعندما انضمت آمال العشماوي للجماعة، احتفى بها البنا احتفاءً خاصاً، حيث عقد اجتماعاً للمجموعة التي كانت تدير قسم الأخوات وقتها، وأخبرهن بأن عضوة جديدة ستنضم إليهن، وأوصاهن بها خيراً.
ويحكي محمود الجوهري في كتابه «الأخوات المسلمات» كيف كان بيت أمال العشماوي هو بيت الجماعة كلها، وكما يقول: «شهد بيت أمال العشماوي أخطر اجتماع في تاريخ الجماعة، وهو الذي تم فيه اختيار المرشد الثاني للجماعة، عقب اغتيال المؤسس حسن البنا، وذلك بحضور قيادات الإخوان وزوجها منير الدلّة أحد قيادات الجماعة. وتم في هذا الاجتماع اختيار حسن الهضيبي ليخلف البنا».
وكانت أمال هي أول من جعل وزارة المعارف تعترف بمدارس الإخوان وتعطيها الصيغة القانونية، بل وتمتعها بدعم مالي مباشر من الوزارة، ما شجع مئات الأسر على إلحاق أبنائهن وبناتهن بتلك المدارس.
ويقول الكاتب والأكاديمي الأمريكي ريتشارد ميتشل، في كتابه عن جماعة “الأخوان المسلمون” إن تولي محمد حسن العشماوي المعروف بتبنيه منذ وقت فكرة إقرار التعليم الديني وبحكم انتماء ابنته وزوجها وابنه حسن العشماوي للجماعة، كان مساعداً في إقرار تقديم الإعانة الخيرية التي كانت تقدمها الوزارة للجمعيات الأهلية، وتقديم دعم مالي مباشر للطلبة الذين يلتحقون بمدارس الجماعة، بخلاف التسهيلات الأخرى من تقديم أراض بأسعار مخفضة وزي مخفض للطلبة وغيرها.
ومما أشار إليه ريتشارد أن دخول أمال العشماوي للجماعة كان بمثابة مرحلة فارقة في اختراق الجماعة وأفكارها للطبقة العليا الأرستقراطية من المجتمع المصري، وكانت أمال صاحبة الفضل الأول في هذا الاختراق، وهي النموذج الناجح له، فعن طريقها تم اجتذاب دولت هانم زوجة وزير الداخلية إبراهيم باشا عبد الهادي التي كانت تدعم الجماعة بإرسال المواد التموينية ليتم توزيعها على فقراء القرى والأحياء الذين يتم استقطابهم للجماعة.
وعن طريقها أيضاً تمّت أكبر عمليات لدعم الجماعة مالياً عبر التبرعات الضخمة التي قدمتها أو تولت جمعها لدعم الجماعة في أزمتيها الأولى والثانية عامي 1948 وعام 1965، وعندما تعرضت الجماعة لأزمتها الأولى عام 1948 وصدور قرار الحل الأول لها، أرادت الحكومة ضم الدار إلى الشؤون الاجتماعية تدخلت أمال ونجحت في الإفلات من قرار المصادرة هذا بعد أن طلبت من والدها، وكان وقتها يرأس (رابطة الإصلاح الاجتماعي) ضمها للرابطة لكي تفلت الدار وما يتبعها من أنشطة إخوانية من قبضة المراقبة والتبعية الحكومية.
ومما تذكره فاطمة عبد الهادي عن أمال، أنها كانت وراء عدد من المشاريع التي دعمت الجماعة اجتماعياً ومالياً مستفيدة من نفوذ والدها، فمثلا إقامة أول مشغل لفتيات الجماعة كانت هي من أسسه وطلبت وقتها من والدها انتداب مدرسات للحياكة من وزارة المعارف، وبالفعل أرسل لهن ثلاث مدرسات، كما قدمت (بدروم) فيلتها ليكون مصنعاً لإعداد المربات والعطور وغيرها وفتح لهن نادي أبواب المعلمين ليكون معرضاً لمنتجات الجماعة.
ويروي محمد حبيب، النائب الأول السابق لمرشد جماعة الإخوان، أن “الهيكل التنظيمي للجماعة يتكون من أسرة وهي مجموعة من عدة أفراد، ثم شعبة ويتبعها مجموعات كبيرة من الأسر، ثم مكتب إداري خاص بالمحافظة، وتتبعه جميع الشعب” مضيفًا أنه مع بدايات الجماعة أسس حسن البنا قسما خاصا للأخوات يقوم على شؤونهن، تتولاه بعض النساء الداعيات وكان على رأسهن أمال العشماوي، ونعيمة الهضيبي، وفاطمة عبد الهادي، ثم توسعت الفكرة وتم إنشاء أقسام للأخوات في كل فروع الجماعة بالمحافظات، وبعدها قرر البنا ومكتب إرشاد الجماعة تكوين فرقة للأخوات تتتبع المركز العام للجماعة وتترأسه لبيبة أحمد”.
وأضاف أنه “عقب عودة الإخوان للعمل مرة أخرى في السبعينات، صدر أمر بتكوين فرق للأخوات بكل دائرة من دوائر الإخوان. وتتولى الفرقة ضم فتيات جدد، وإقامة دورات تثقيفية ومعسكرات لهن، ويتولى إرشادهن واعظات يتبعن الجماعة، كما كانت هناك دروس تقام للأخوات في مقر الإخوان القديم بمنطقة العتبة وسط القاهرة”.
وأشار إلى أن “أسماء كثيرة من النساء انضمت لجماعة الإخوان، منها من ظل متمسكاً بالجماعة، مثل نعمات وصفي ونفيسة حسين زهدي وزينب الغزالي وأمال العشماوي وفاطمة عبد الهادي وفاطمة توفيق ومنيرة محمد نصر وسنية الوشاحي وزينب جبارة ومكارم الديري وعزة الجرف، ومنهن من خرجن مثل جيهان الحلفاوي”.
والمتابع للتطورات التنظيمية داخل الجماعة، سيجد أن النساء داخل الإخوان حصلن على حقوق كثيرة عقب عام 2008، فعقب انتخابات مكتب الإرشاد في 21 ديسمبر 2009، قرر مكتب الإرشاد إعادة التفكير في إعداد اللائحة التنفيذية لـ”قسم الأخوات”، بعد مرور 68 عاماً من اللائحة الأولى التي وضعها حسن البنا، وساهم في كتابة اللائحة الجديدة كل من جمعة أمين، رئيس قسم الأخوات، وسراج اللبودي، رئيس القسم السابق وزوج المهندسة كاميليا حلمي، رئيس مكتب اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة، المنبثق عن المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة منذ عام 1998، والذي تم إغلاقه من قبل أجهزة الأمن المصرية، فقامت الجماعة بإنشاء مركز “مرام” بدلاً عنه، وهو مركز دراسات مهتم بقضايا المرأة وتتولى إدارته 18 قيادة نسائية إخوانية، من مصر والمغرب وعدد آخر من الدول.
وتضمنت لائحة “الأخوات” الجديدة والتي تم اعتمادها في 5 مارس 2010، على 5 بنود رئيسية أهمها التركيز على نشر أفكار الإخوان في محيط النساء بشكل عام، والعمل على صياغة الشخصية النسائية وفق منهج الجماعة، والعمل على الارتقاء التربوي والدعوي بالأخوات، والمساهمة في استقطاب النساء وتكوين الرموز والداعيات لقيادة العمل النسائي، وتم تقسيم العمل داخل “الاخوات”، بين خمس لجان هي التربية، والبيوت، وطالبات الإعدادي والثانوي، ونشر الدعوة، والزهروات.
وتتولى اللجنة التربوية المساهمة في إعداد الأخوات من خلال المستويات التربوية المعتمدة مثل “التمهيدي والتكويني”، بينما تهتم لجنة “البيوت”، بعلاقة الأخوات مع أسرهن، وتقديم الدعم الفني اللازم لهن لضمان سيطرة المرأة الاخوانية على اسرتها ونشر الفكر المتطرف بينهم.
كما تتولى لجنة “نشر الدعوة” إرشاد المجتمع النسائي لنشر دعوة الإخوان، وصبغ المجتمع بالصبغة الإخوانية، وكسب الأنصار والمساهمة في إعداد الداعيات سواء المنتميات بشكل تنظيمي للجماعة أو “الداعيات المودرن” تحت مسمى “التنمية البشرية والإرشاد الأسري” لضمان وصول الأفكار الإخوانية لغالبية الفئات العمرية بالمجتمع.
أما “لجنة “الزهروات” فتتولى مهمة غرس أفكار وأدبيات الجماعة في نطاق فتيات المرحلة العمرية من 4 إلى 12 سنة، واكتشاف ورعاية الموهوبات منهن، ثم تسليمهن إلى “لجنة “طالبات الإعدادي والثانوي” والتي تختص بالعمل على الارتقاء بطالبات الإعدادي والثانوي العام، والفني، والأزهري، ومن هن في نفس المرحلة العمرية حتى من غير المتعلمات.
وتحرص الجماعة على اختيار عناصرها النسائية من بين الفتيات والنساء ذات المهارات الواسعة والتجربة الشخصية في التواصل، لذا تم تجنيد عناصر نسائية أو زرع “أخوات” عبر سنوات في عدد من مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الخيرية، مما مكنهن من بناء الجسور مع النساء في الجامعات والمعاهد التعليمية وخلال دروس التعليم الديني في المساجد، ليتم استثمارها إبان الحملات الانتخابية للترويج لمرشحي الجماعة، خلال الثمانينات التسعينيات وأيضا عقب ثورة 25 يناير، فضلاً عن قيامهن بأدوار أخرى كتجنيد الشباب والأطفال من طلال المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية وأيضا الجامعات، وجمع التبرعات، ونقل المعلومات بين الإخوان خارج السجون والقيادات داخلها.
كما كانت – ولا تزال – مصليات النساء بالمساجد علامة بارزة في مسيرة العمل النسوي الإخواني، من خلال توظيف العاطفة الدينية وتأثيرات المكان الروحية، لاستقطاب النساء إلى فكر الجماعة وشحنهن ضد “الدولة”.