ياسر حسني يكتب: صندوق مصر السيادي
«طريقة جديدة علشان يبيعوا البلد ويخصخصوا القطاع العام».. هي دي التهمة الرئيسية اللي نالت من «صندوق مصر السيادي» بمجرد تدشينه عام 2018 ثم توالت عليه تهم أخرى من نوعية أنه غير مملوك للدولة وإنما لدول عربية أخرى تموله وستحصل من خلاله على ممتلكات الدولة وشركات القطاع العام!!
أو أنه تجميع لممتلكات الشعب المصري ليستولي عليها عدد من رجال الأعمال والمسئولين، وصولًا إلى أنه استكمال للصناديق الخاصة “اللي محدش عارف عنها أو عن فلوسها أي حاجة”!!
في عام 1953 أسست الكويت الجيل الأول من صناديق الثروة السيادية وكان الهدف منه استثمار إيرادات النفط، ومن وقتها ودول كتير أنشأت صناديق سيادية لحماية ثرواتها واستثمارها وكمان علشان تستثمر أموالها في دول ثانية..
تخيل مثلا إن النرويج سنة 1990 عملت صندوق لاستثمار معاشات التقاعد الحكومي، طيب وبعدين ايه اللي حصل؟.. ضمت له اصول مملوكة للدولة ودعمته وبقى دلوقتي الصندوق السيادي الأكبر في العالم باستثمارات بلغت 1.37 تريليون دولار، ومخسرش صدارة الترتيب غير مرة واحدة سنة 2022 لما تخطاه صندوق مؤسسة الاستثمار الصينية اللي تراجعت في 2023 للمركز الثاني باستثمارات بلغت 1.35 تريليون دولار.
الطريف إن المنافس على المركز الثالث هو صندوق “إدارة الدولة للنقد الأجنبي” الصيني وده من أخطر الصناديق السيادية في العالم لأنه شغال على الاحتياطي الصيني من العملات الأجنبية واستثماراته كلها خارج الصين بما يزيد على تريليون دولار.
أما أكبر صندوق استثمار عربي فهو جهاز أبو ظبي للاستثمار واللي أسسته إمارة أبو ظبي لمبادلة الأصول والاستثمارات سنة 2002.. وطبعا تم ضخ أموال كتيرة فيه على مدار السنوات اللي فاتت علشان ينافس عالميا وفعلا بقى يحتل المركز الرابع في الترتيب العالمي للصناديق السيادية باستثمارات بلغت 853 مليار دولار.
ومن قوة صندوق أبو ظبي للاستثمار خليني أقول لك إن عمل أكبر صفقة فى التاريخ، يتم فيها الاستحواذ على نسبة غير مسيطرة في بنك غربى، بعد ما استحوذ على 4.9% من مجموعة “سيتي جروب” الأمريكية مقابل 7.5 مليار دولار.
وفيه نماذج ثانية كتير من الصناديق السيادية اللي بتتصارع على كل فرص الاستثمار الضخمة حول العالم، ومش عايزك تستغرب لما تعرف إن عدد صناديق الثروة السيادية في العالم وصل إلى حوالي 175 صندوقًا..
وممكن خلال 2025 توصل لـ 200 صندوق.. وده وفقًا لدراسة عن مؤسسة ستاندرد تشارترد اللي قالت إن بلدان العالم بتتجه لإنشاء صناديق سيادية، متوقعة أن يتجاوز إجمالى الأموال المملوكة للصناديق السيادية، ما يقدر بنحو 13.4 تريليون دولار أما مؤسسة مورجان ستانلى فتوقعت إن الاستثمارات في الصناديق هتوصل لـ 17.5 تريليون دولار.
تزايد حجم استثمارات الصناديق السيادية في العالم، بيرجع لأنها أذرع تمويلية للدول والحكومات، بتحقق لها المعادلة الصعبة وهي استثمار الموارد الطبيعية والأصول العامة، وتنميتها للأجيال القادمة، وكمان توفير تمويل وطني آمن بعيدا عن الاملاءات الدولية للتمويلات الأجنبية.
بعد 2014 ولما الدولة درست التجارب السابقة في إدارة الأصول العامة لقت فيها خسائر كتير جدا وكمان كان دايما عندنا مشاكل في تمويل مشروعاتنا القومية وشروط متعسفة بتحطها مؤسسات التمويل الدولية وكلنا فاكرين أزمة تمويل السد العالي.. اللي ممكن تتكرر في أي مشروعات مش عايزنا نتملكها زي “وكالة الفضاء المصرية أو مشوع نووي مصري للاستخدامات السلمية”
علشان كدا صدر القرار الجمهوري رقم 177 لسنة 2018، بتأسيس صندوق مصر السيادي، وهو مملوك بالكامل للدولة، ويتمتع باستقلال مالي وإداري، وذمة مالية مستقلة.
وتم إنشاءه لاستكمال الإصلاح الاقتصادي، ورفع معدلات النمو، والتنمية الاقتصادية المستدامة، وتعظيم الاستفادة من الأصول غير المستغلة المملوكة للدولة وتوطين الصناعة.
ويبلغ رأس مال الصندوق المرخص به 200 مليار جنيه، ورأس المال المصدر 5 مليارات، ومن المتوقع أن تصل استثماراته إلى تريليون جنيه، ورأس مال مدفوع 5 مليارات، هتدفع منها الحكومة مليار جنيه فقط والباقي من عوائد شراكاته في المشروعات الاستثمارية المختلفة.
الصندوق ساهم في جذب 43% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 37 مليار جنيه، تركز على القطاعات المهمة للاقتصاد المصري، خاصةً الهيدروجين الأخضر وتحلية المياه والتعليم.
ووفقا للتقارير الاقتصادية فكل مليار جنيه ينفقها صندوق مصر السيادي يجذب استثمارات بقيمة 5.4 مليار جنيه ويحقق عوائد تصل إلى نحو 15 مليار جنيه في صورة استثمارات، ونجح في تنفيذ 10 مشروعات خلال عام 2021، رغم أن الظروف الدولية خلال هذه الفترة كانت غير مواتية عالميا للاستثمار.