وحيد حامد يكتب: الفوضى.. أيضًا.. تحرق!
صار الشارع المصرى منفلتًا وبائسًا وفوضويًا، لدرجة مثيرة للغضب وتدعو إلى السخط، وصار الصمت على هذا الهوان والتدنى عارًا ما بعده عار. من غير المعقول أن تحاول الدولة وبخطوات جادة القضاء على العشوائيات المحيطة بالمدن الكبرى، وتترك هذه العشوائيات تتسلل فى سهولة شديدة إلى داخل هذه المدن ذاتها، وبصورة أكثر قبحًا وعدوانية، حتى صارت هذه المدن مسخًا مشوهًا وكريهًا بعد أن كانت يومًا ما جميلة؛ كل هذا بسبب إهمال المحليات التى تخلت عن القيام بواجبها عن عمد، وانصرفت إلى مهام أخرى غير قانونية وغير إنسانية، وكانت الرشوة والتحايل على القانون والجهل أحيانًا، وفساد الذوق فى أحيان أخرى، من أهم العوامل التى دمرت المدن تمامًا.
ومع غياب الوعى صار الخطأ صوابًا؛ بحكم التكرار والإعادة وغياب العقاب وتقاعس أولى الأمر.. وعلى سبيل المثال انتشار القمامة بكل أنواعها فى جميع الشوارع صار من الأمور العادية والمألوفة، حتى إننا أصبحنا لا نرى الشوارع النظيفة إلا فى أفلام الأبيض والأسود.. صحيح أن عندنا كناسين يرتدون الزى البرتقالى وفى أيديهم مكانس إلا إنهم لا يكنسون بل يتسولون، وهكذا صارت القذارة عنوانًا لشوارعنا، مع أن النظافة من الإيمان.. فإذا علمنا أن الفوضى تكون مثل حريق فى غابة لا يوقفه شىء، وجب علينا أن نعرف أن النار التى تحرق الغابات تحرق المدن أيضًا.. ويكفينا فوضى المرور التى أصبحت من علامات ودلالات قهر المواطن فى رحلة الذهاب والعودة، والذى يعانى من عربدة سيارات الميكروباص وعدم التزامها بأى قانون، بالإضافة إلى عنجهية وجبروت سيارات النقل ورعونة الملاكى، بالإضافة إلى الطامة الكبرى؛ وهى الفئران السوداء التى تمرح فى الشوارع والمسماة بالتوك توك الذى جلب معه الجرائم المتنوعة.. وإذا استرسلنا فى سرد أنواع الفوضى فإننا لن نصل إلى نهاية.. ويرجع هذا كله إلى غياب الإدارة الحاسمة الغيورة القادرة على فرض القانون وإعماله.. وصدقونى إذا استمر الحال على ما هو عليه فنحن إلى جهنم ذاهبون.